سليم بن قيس مال إلى كون الرجل متشيّعا ممدوحا ، وأن نسبة وضع الكتاب إليه لا أصل لها وإذا انضم إلى ذلك قول الشيخ أبي علي في المنتهى أني رأيت أصل تضعيفه من المخالفين من حيث التشيع تقوي ذلك والعلم عند الله تعالى ، بل بعد إثبات وثاقة سليم تثبت وثاقة أبان هذا بتسليمه الكتاب المذكور إليه ، وكيف كان فغالب روايات أبان هذا عن سليم بن قيس الهلالي ، والراوي عنه غالبا هو عمر بن أذينة وإبراهيم بن عمر اليماني وحمّاد بن عيسى وعثمان بن عيسى» (١).
فلو قلنا إن أبانا ضعيف فكيف يروي عنه عمر بن أذينة وإبراهيم وحماد وعيسى وكلّهم ثقاة؟ وعلى فرض كونه ضعيفا فإن رواية هؤلاء الأجلّة عنه ترجّح الأخذ برواياته إلّا ما كان مخالفا للكتاب الكريم والسنّة القطعية ، ولم يردنا شيء عنه مما يخالف ما ذكرنا. هذا مضافا إلى أن ما رواه أبان بن أبي عيّاش في كتاب سليم لا يتوافق مع معتقدات العامة ، من هنا شنّ علماء العامة حملة شعواء (٢) على أبان عنادا منهم لتشيّعه ، بالإضافة إلى مواجهتهم العامة مع رواة الشيعة ، والمؤسس للوقيعة في أبان هو شعبة بن الحجاج ، وقد جرى على لسانه ما يوجب الاستيحاء من نقله ، وهذه نماذج منها :
ـ قال شعيب بن حرب : سمعت شعبة يقول : لأن أشرب من بول حمار حتى أروى أحبّ إليّ من أن أقول : حدّثنا أبان بن أبي عيّاش (٣).
ـ قال الذهبي : أبان بن أبي عياش البصري ، أحد الضعفاء وهو تابعي صغير (٤).
ـ روى ابن إدريس وغيره عن شعبة قال : لأن يزني الرجل خير من أن يروي عن أبان (٥).
__________________
(١) تنقيح المقال / الممقاني ج ١ / ٣.
(٢) شعواء : متفرقة ممتدة.
(٣) ميزان الاعتدال للذهبي ج ١ / ١٠.
(٤) ميزان الاعتدال ج ١ / ١٠.
(٥) ميزان الاعتدال ج ١ / ١٠.