من اتباعه من خلال التشكيك بالقرآن ككتاب سماوي نزل به روح القدس من رب العالمين على قلب رسول الرحمة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وبالفعل بدأت هذه الحملات تطأ بأذيالها بين الحين والآخر ، وآخرها ما نفثه سلمان رشدي عليه اللعنة حيث نسب إلى رسول الله ما نسبه السيوطي والطبري وأمثالهما ، فقد ادّعى المذكور أن ما نزل على النبي إنما هو آيات شيطانية تلاها الشيطان على النبيّ ، معتمدا في كتابه «آيات شيطانية» على ظواهر بعض الآيات المتشابهات كآية ٥٢ من سورة الحج وغيرها ، وبما رواه علماء العامّة من أن النبيّ تلا «تلك الغرانيق العلى» وتبعه على ذلك جرجس سال في كتابه : مدّعيا أن : «محمّدا نفسه جاء بكلام يضاهي في فصاحته كلام القرآن وذلك أنه قرأ ذات يوم سورة النجم التي ادّعى أنها نزلت عليه فلما بلغ منها إلى قوله (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى ..) بدره لسانه فقال : تلك الغرانيق ..» (١).
ولنفرض أن سيّدنا محمّدا لم يكن نبيّا مرسلا ، ولكن هل يمكن لأحد أن ينكر ذكاءه وحنكته وفطنته وعقله ، وهل لعاقل فطن ، محنّك لبيب مثله أن يفعل مثل هذا؟
إن الذكي اللبيب الذي يجد أنصاره يتكاثرون ويتزايدون يوما بعد يوم ، وتقوى صفوفهم أكثر فأكثر ، بينما تتفرق صفوف أعدائه ومناوئه ويتناقص معارضوه وخصومه ، هل يقدم في مثل هذه الحالة على عمل يوجب أن يسيء الجميع ظنهم به ، ويشك الصديق والعدو في أمره؟
العقلاء لا يصدّقون أن رجلا ترك جميع المناصب والأموال التي عرضتها قريش عليه ، في سبيل التنازل عن عقيدته ودينه أن يصبح دفعة واحدة من دعاة الشرك ، بل ومن المروجين للوثنية!!
إننا لن نصدّق بمثل هذا الاحتمال في حق مصلح أو سياسي محنّك من الساسة والمصلحين فكيف برسول الله ونبيه العظيم؟!
__________________
(١) أسرار عن القرآن ص ٤٨ تعريب وتذييل : هاشم العربي.