لعله نشأ من الفكرية الحاكمة على بعضهم حيث اعتادوا بأخذ المتفق عليه بين الشيعة ومخالفيها ورفض ما تتفرد به الشيعة خصوصا في القضايا التاريخية ، كما ويحتمل قويا أن يكون العلة في بعض تلك الاتجاهات هو التقية عن المخالفين وإظهار عدم الموافقة لمحتوى الكتاب اتقاء شرهم المتوجهة إليهم أو إلى الكتاب أو إلى المتحفظين على نسخه ، ويشهد لذلك أن عدة من هؤلاء بعد إظهارهم شيئا من المناقشات حول الكتاب استندوا إلى أحاديثه في كتبهم الاعتقادية والأحكام الشرعية (١).
ومنشأ القدح في صحة كتاب سليم ، أمور :
الأمر الأول : شبهة وعظ محمّد بن أبي بكر لأبيه عند موته ، مع أن سنّ محمّد وقتئذ ثلاث سنين أو أقل ، حسبما ورد في حديث ذكره سليم في كتابه.
وخلاصة الحديث :
أن سليم بن قيس أراد أن يعرف ما ذا صدر من أصحاب الصحيفة (٢) عند موتهم وهم : أبو بكر وعمر ومعاذ بن جبل وأبو عبيدة بن الجرّاح وسالم مولى أبي حذيفة. وفي هذا الصدد التقى بثلاثة أشخاص على الترتيب وهم : عبد الرحمن بن غنم ومحمد بن أبي بكر وأمير المؤمنين عليهالسلام.
أما ابن غنم فأخبره عمّا قاله معاذ وسالم وأبو عبيدة عند موتهم ، وذلك أن سليما سأل عن ذلك ابن غنم ـ وهو ختن معاذ بن جبل وكان حاضرا عند موته ـ فأخبره ابن غنم عمّا جرى بالتفصيل ، وذكر أن معاذا رأى رسول الله وعليّا صلوات الله عليهما عند موته وأنهما بشراه وأصحابه المذكورين بالنار.
__________________
(١) راجع مقدمة كتاب سليم للمحقّق البارع : الشيخ محمد باقر الأنصاري الزنجاني الخوئيني.
(٢) أصحاب الصحيفة هم خمسة أشخاص بنوا أساس الظلم على آل محمّد عليهمالسلام وتواطئوا على غصب الخلافة ومهّدوا الطريق لمن جاء بعدهم من الغاصبين الظالمين ، وكان أول أمرهم أنهم كتبوا بينهم كتابا تعاهدوا فيه وتعاقدوا في الكعبة : إن مات محمّد أو قتل أن يتظاهروا على الإمام عليّ فيزوون عنه هذا الأمر.