عنها ، فقلّبا الأحكام وغيّرا السنن ، فما فعله عمر بالخصوص كاعتدائه على الصدّيقة الطاهرة ورفسه على بطنها حتى ألقت جنينها ، لأكبر شاهد على فظاظته وسوء عشرته ، وكذا ما ثبت عنه من صلافة على رسول الله تهكّمها حتى نعته وهو صلىاللهعليهوآلهوسلم على فراش الموت بالهجر (١). ومع وفور الأدلة على مسألة الاعتداء على سيّدة الطهر مولاتنا فاطمة روحي فداها لم يثبت عند (٢) من التقى بكثير من عقائده ومنهجه الفقهي بمرتكزات الأشاعرة ، بأن عمر بن الخطّاب فعل ما فعل بالسيّدة فاطمة عليهاالسلام ، حيث أنكر مسألة الاعتداء عليها ، مدّعيا بذلك أنه من البعيد جدا أن يدخل بعض الصحابة على الصدّيقة ـ بأبي هي وأمي ـ ويضربوها أمام حشود المسلمين ، وله تعبيرات في مواضع عدة أن القوم لم يكسروا ضلعها ولا أنهم أسقطوا جنينها ، بل ادّعى أن إسقاط الجنين كان بفعل عامل طبيعي لا غير تحريفا منه للمسألة برمتها ، وكأن لسان حاله يقول للعامة «اشهدوا لي عند الأمير إني أول رام رمى بنت محمد في عصر التطور والحداثة والمرجعية المتطورة».
ففي الوقت الذي يؤكد فيه عن رأيه بإسقاط الجنين بفعل عامل طبيعي ، يعلن تراجعه عن ذلك في رسالة (٣) مؤرخة ب : ٣ / ٦ / ١٤١٤ ه ، ثم تراه يكذّب كل من نسب إليه إنكاره لكسر الضلع والاعتداء ، وفي الوقت نفسه ينسف كلّ ما قاله في تلك الرسالة ، بل يناقض نفسه حيث يقول :
«أنا من الأساس لم أقل إنه لم يكسر ضلع الزهراء عليهاالسلام وكلّ ما ينسب إليّ ذلك فهو كاذب ، أنا استبعدت الموضوع استبعادا ، رسمت علامة استفهام على أساس التحليل التأريخي ، قلت : أنا لا أتفاعل مع هذا ، لأن محبة المسلمين للزهراء عليهاالسلام كانت أكثر من محبتهم لعليّ وأكثر من محبتهم للحسن والحسين ،
__________________
(١) روى القصة الشهرستاني في الملل والنحل ج ١ / ٢٢ ، والبخاري في باب العلم ، وابن الأثير في تاريخه ج ٢ / ٣٢٠.
(٢) عنيت به السيد محمد حسين فضل الله.
(٣) جوابه على رسالة بعثها إليه السيد جعفر مرتضى. لاحظ الحوزة تدين الانحراف ص ٩٠.