وجمعه الحطب ليحرقهم ويقول : إنما أراد بذلك ألّا تنتشر الكلمة ، ولا يختلف المسلمون ، وأن يدخلوا في الطاعة ، فتكون الكلمة واحدة ، كما فعل عمر بن الخطاب ببني هاشم لمّا تأخروا عن بيعة أبي بكر ، فإنه أحضر الحطب ليحرّق عليهم الدار» (١).
* وقال النقيب أبي جعفر يحيى بن محمد العلوي البصري (عام ٦١١ ه) في معرض رده على أبي المعالي الجويني في أمر الصحابة :
«فكيف أدخلتم أيها العامة والحشوية وأهل الحديث أنفسكم في أمر عثمان وخضتم فيه ، وقد غاب عنكم! وبرئتم من قتلته ولعنتموهم ، وكيف لم تحفظوا أبا بكر في محمّد ابنه فإنكم لعنتموه وفسّقتموه ، ولا حفظتم عائشة في أخيها محمّد المذكور ، ومنعتمونا أن خوض وندخل أنفسنا في أمر أمير المؤمنين عليّ والإمامين الحسن والحسين ، ومعاوية الظالم له ولهما ، المتغلّب على حقه وحقوقهما! وكيف صار لعن ظالم عثمان من السنّة عندكم ، ولعن ظالم الإمام عليّ والحسن والحسين تكلّفا! وكيف أدخلت العامة أنفسها في أمر عائشة وبرئت ممن نظر إليها ، ومن القائل لها : حميراء ، أو إنما هي حميراء ، ولعنته بكشفه سترها ، ومعتنا نحن عن الحديث في أمر فاطمة وما جرى لها بعد وفاة أبيها.
فإن قلتم : إن بيت فاطمة إنما دخل ، وسترها إنما كشف حفظا لنظام الإسلام ، وكيلا ينتشر الأمر ويخرج قوم من المسلمين أعناقهم من ربقة الطاعة ولزوم الجماعة.
قيل لكم : وكذلك ستر عائشة إنما كشف ، وهودجها إنما هتك لأنها نشرت حبل الطاعة ، وشقت عصا المسلمين ، وأراقت دماء المسلمين من قبل وصول الإمام عليّ بن أبي طالب عليهالسلام إلى البصرة ، وجرى لها مع عثمان بن حنيف وحكيم بن جبلة ومن كان معهما من المسلمين الصالحين من القتل وسفك الدماء
__________________
(١) شرح النهج / ابن أبي الحديد ج ٢٠ / ٣٥١ نقلا عن مروج الذهب للمسعودي ج ٣ / ٩.