بل تعدى ظلمهم إلى أنهم أرادوا حفر قبر الإمام موسى بن جعفر ومحمّد بن علي فحال الهدم بينهم وبين معرفة القبر ، فجاء الحفر إلى جانبه ..» (١).
وفي حوادث عام ٣٦٣ ه قال ابن الأثير وابن خلدون أيضا :
«إن أبا تغلب قد قارب بغداد فثار العيارون بها وأهل الشرّ بالجانب الغربي ، ووقعت فتنة عظيمة بين السنّة والشيعة ، وحمل أهل سوق الطعام ، وهم من السنّة امرأة على جمل ، وسمّوها عائشة ، وسمّى بعضهم نفسه طلحة ، وبعضهم الزبير ، وقاتلوا الفرقة الأخرى ، وجعلوا يقولون : نقاتل أصحاب عليّ بن أبي طالب وأمثال هذا من الشر» (٢).
بل إن النصوص التاريخية تفيد أن الشيخ المفيد نفاه سلطان زمانه مرتين من الكرخ ، الأولى(٣) عام ٣٩٢ ه ، والثانية (٤) عام ٣٩٨ ه.
كما «أن عميد الجيوش قد منع الروافض من النياحة في عاشوراء ، وما يتعاطونه من الفرح في يوم ثامن عشر من ذي الحجة ، الذي يقال له : غدير خم» (٥).
بعد كلّ هذا ، هل بمقدور الشيخ المفيد حينئذ أن يذكر قضية كسر الضلع ، ألا يزيد ذكرها تعصّب العامة وحقدهم على الشيعة؟ ولو ذكرها بتفاصيلها في الإرشاد لكان ذلك مستندا عليه.
ولكنّ ذكر المفيد لقضية رفس عمر للصدّيقة عليهاالسلام في كتابه الاختصاص يبقي الإشكال على حاله ، إذ لو أراد تطرية الأمور باستعمال المداراة لما كان ذكرها
__________________
(١) الكامل في التاريخ ج ٩ / ٥٧٧ باب ذكر الفتنة بين العامة ببغداد وإحراق المشهد على ساكنيه.
(٢) الكامل في التاريخ ج ٨ / ٢٣٢ وص ٦٣٢ حوادث سنة ٣٧٥ ه ؛ والعبر لابن خلدون ج ٤ / ٤٤٧.
(٣) الكامل في التاريخ ج ٩ / ١٧٨.
(٤) نفس المصدر ج ٩ / ٢٠٨.
(٥) البداية والنهاية ج ١١ / ٣٤٤.