فكل أمر يريده الله فهو في علمه قبل أن يصنعه ، ليس شيء يبدو له إلا وقد كان في علمه ، أن الله لا يبدو له من جهل (١).
وروى الطوسي في كتاب «الغيبة» بإسناده عن البزنطي ، عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام قال علي بن الحسين ، وأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب قبله ، ومحمّد بن علي وجعفر بن محمّد.
«كيف لنا بالحديث مع هذه الآية (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ) فأما من قال بأن الله تعالى لا يعلم الشيء إلّا بعد كونه فقد كفر وخرج عن التوحيد» (٢).
والروايات المأثورة عن أهل البيت عليهمالسلام أن الله لم يزل عالما قبل أن يخلق الخلق ، هي فوق حدّ الإحصاء ، وقد اتفقت على ذلك كلمة الشيعة الإمامية طبقا لكتاب الله وسنة رسوله ، جريا على ما يقتضيه حكم العقل الفطري الصحيح.
الفرق بين النسخ والتخصيص :
إطلاق النسخ على التخصيص كان شائعا على ألسنة الصحابة والتابعين ، فكانوا يطلقون على المخصّص والمقيّد لفظ الناسخ ، لذا أكثروا القول في عدد الآي المنسوخة ، لذا فمن الضروري التفرقة بين النسخ والتخصيص بالقول : إن الأول قطع لاستمرار التشريع السابق بالمرة ، بعد أن عمل به المسلمون في فترة من الزمن طويلة أم قصيرة ، أما التخصيص فهو قصر الحكم العام على بعض أفراد الموضوع وإخراج البقية عن الشمول ، قبل أن يعمل المكلفون بعموم التكليف. فالنسخ اختصاص للحكم ببضع الأزمان ، والتخصيص اختصاصه ببعض الأفراد ، ذاك تخصيص أزماني ، وهذا تخصيص أفرادي ولا يشتبه أحدهما بالآخر. نعم هما يشتركان في جامع هو : ارتكاب خلاف ظاهر كل منهما ، حيث كان التشريع الأول ظاهرا بطبعه في الاستمرار ، فجاء الناسخ ليزيل هذا التوهم ، ويبيّن أن الحكم كان محدودا من الأول ، وإن كان لا يعلم به الناس ، وهكذا التخصيص بيان للمراد
__________________
(١) نقلا عن نفس المصدر.
(٢) نقلا عن البحار ، باب البداء والنسخ.