إذ تظاهروا باعتناق الإسلام ليحرّفوا الحقائق باختلاق الأكاذيب والافتراء على الأنبياء والأولياءعليهمالسلام.
ولقد أدرج بعض علماء العامة هذه المفتريات في مؤلفاتهم ، وجعلوها في عداد الحديث والتاريخ الصحيح من دون تمحيص وتدقيق وتحقق ، ثقة بكل من أظهر الإسلام ، وتظاهر بالإيمان وانضم إلى صفوف المسلمين ، فوثقوا بالشارد والوارد إلا بالشيعة الإمامية لم يثقوا بهم ولم يطمئنوا إلى مروياتهم ، وكل ذنبنا أننا موالون لأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام وعترته الطاهرة. وهناك سبب آخر جعل العامة يثقون بأحاديث كعب وأمثاله هو أن الأشاعرة لا يعتقدون بالحسن والقبح العقليين (١) ، بل الحسن ـ عندهم ـ ما أمر به الشارع المقدّس ، والقبيح ما نهى عنه. وها نحن نذكر ما رواه هؤلاء :
١ ـ قال الطبري : لقى الأسود بن المطلب والوليد بن المغيرة والعاص بن وائل وأمية ابن خلف رسول الله فقالوا يا محمّد هلمّ فلنعبد ما تعبد ، وتعبد ما نعبد ونشركك في أمرنا كله ، فإن كان الذي جئت به خيرا مما في أيدينا كنا قد شركناك فيه .. فأنزل الله عزوجل : قل يا أيّها الكافرون حتى انقضت السورة فكان رسول الله حريصا على صلاح قومه ، محبّا مقاربتهم بما وجد إليه السبيل ، قد ذكر أنه تمنّى السبيل إلى مقاربتهم فكان من أمره في ذلك ، ما حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة ، قال حدثني محمّد بن إسحاق عن يزيد بن زياد المدني ، عن محمّد بن كعب القرظي قال :
لما رأى رسول الله تولي قومه عنه ، وشق عليه ما يرى من مباعدتهم ما جاءهم به من الله تمنّى في نفسه أن يأتيه من الله ما يقارب بينه وبين قومه ، وكان يسره مع حبه قومه وحرصه عليهم أن يلين له بعض ما قد غلظ عليه من أمرهم حتى حدّث بذلك نفسه وتمناه وأحبه فأنزل الله عزوجل (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى ما ضَلَ
__________________
(١) فصّلنا ذلك في كتاب «الفوائد البهية في شرح عقائد الإمامية» فليراجع.