وهذا الذي وصفناه إنما وجب على المكلّف الاعتماد عليه والرجوع إليه عند الضرورة بفقد الإمام المرشد ، ولو كان الإمام ظاهرا ما وسعه غير الردّ إليه ، والعمل بقوله ، وهذا كقول خصومنا : إن على الناس في نوازلهم بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يجتهدوا فيها عند فقدهم النصّ عليها ، ولا يجوز لهم الاجتهاد واستعمال الرأي بحضرة النبيّ محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم.
إن قيل : إذا كانت عبادتكم تتم بما وصفتموه مع غيبة الإمام فقد استغنيتم عن الإمامعليهالسلام؟
قلنا : ليس الأمر كذلك ، لأن الحاجة إلى الشيء قد تكون قائمة مع فقد ما يسدها ، ولو لا ذلك ما كان الفقير محتاجا إلى المال مع فقده ، ولا المريض محتاجا إلى الدواء وإن بعد وجوده ، ولا الجاهل محتاجا إلى العلم وإن عدم الطريق إليه ، فغيبته عنا لا تستلزم عدم الحاجة إليه ، ولو لزمنا ما أفادته الشبهة المذكورة للزم على جميع المسلمين أن يقولوا إن الناس كانوا في حال غيبة النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم للهجرة وفي الغار أغنياء عنه ، وكذلك لكانت حالهم في وقت استتاره بشعب سيّدنا أبي طالب عليهالسلام ، ولكان قوم موسى عليهالسلام أغنياء عنه في حال غيبته عنهم لميقات ربه ، وكذلك أصحاب يونس عليهالسلام أغنياء عنه لمّا ذهب مغضبا والتقمه الحوت وهو مليم ، وهذا مما لا يذهب إليه مسلم ولا ملّي.
الشبهة الخامسة عشرة :
إن الإمام المهديّ عليهالسلام هو عيسى عيسى بن مريم عليهالسلام حسبما أفاد ذلك حديث محمّد بن خالد الجندي تفرّد به عن أبان بن صالح عن الحسن عن أنس بن مالك عن النبيّ نسبوا إليه أنه قال : لا يزداد هذا الأمر إلّا شدة ولا الدنيا إلّا إدبارا ولا الناس إلّا شحا ولا تقوم الساعة إلّا على شرار الناس ، ولا المهديّ إلّا عيسى بن مريم (١).
__________________
(١) العطر الوردي بشرح القطر الشهدي / محمد البلبيسي الشافعي ص ٤١ عن ابن ماجة والبيان في أخبار صاحب الزمان للكنجي الشافعي ص ٢٨.