قال المحدّث (١) القمي عليه الرحمة ، توفى عام ٣٠٧ ه :
«نزلت السورة في عثمان وابن أم مكتوم ، وكان ابن أم مكتوم مؤذنا لرسول الله وكان أعمى ، وجاء إلى رسول الله وعنده أصحابه ، وعثمان عنده ، فقدّمه رسول الله على عثمان فعبس (أي عثمان) بوجهه وتولّى عنه ، فأنزل الله تعالى «عبس وتولّى» يعني عثمان بن عفان ..»(٢).
وقال الشيخ أبو جعفر الطوسي عليه الرحمة : (٣٨٥ ـ ٤٦٠ ه).
«قال كثير من المفسرين وأهل الحشو أن المراد بالعابس النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم .. وهذا فاسد لأن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قد أجلّ الله قدره عن هذه الصفات ، وكيف يصفه بالعبوس والتقطيب ، وقد وصفه بأنه «على خلق عظيم» ، وقال : (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) ، وكيف يعرض عمّن تقدّم وصفه مع قوله تعالى : (وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ) ومن عرف النبيّ وحسن أخلاقه وما خصه الله به من مكارم الأخلاق وحسن الصحبة حتى قيل إنه لم يكن يصافح أحدا قط فينزع يده من يده ، حتى يكون ذلك الذي ينزع يده من يده ، فمن هذه صفته كيف يقطّب في وجه أعمى جاء يطلب الإسلام ، على أن الأنبياء منزهون عن مثل هذه الأخلاق وعما هو دونها لما في ذلك من التنفير عن قبول قولهم والإصغاء إلى دعائهم ، ولا يجوّز مثل هذا على الأنبياء من عرف مقدارهم وتبين نعتهم.
وهذه الآيات نزلت في رجل من بني أميّة كان واقفا مع النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلمّا أقبل ابن أم مكتوم تنفر منه ، وجمع نفسه وعبس في وجهه وأعرض بوجهه عنه ، فحكى الله تعالى ذلك وأنكره معاتبة على ذلك» (٣).
__________________
(١) ثقة جليل ، أكثر ثقة الإسلام الكليني الرواية عنه في الكافي ، وقال عنه في أعلام الورى : إنه من أجلّ رواة أصحابنا ، كان في عصر مولانا الإمام العسكري عليهالسلام.
(٢) تفسير القمي : علي بن إبراهيم ج ٢ / ٤٣٠.
(٣) تفسير التبيان للطوسي ج ١٠ / ٢٦٩.