اجتمعوا على هذا الرجل المقتول ظلما بالأمس ونقموا عليه استعمال من حدثت سنّه ، وقد استعمل أمثالهم قبله ، ومواضع من الحمى حماها لهم فتابعهم ونزع لهم عنها ، فلمّا لم يجدوا حجّة ولا عذرا بادروا بالعدوان فسفكوا الدم الحرام واستحلّوا البلد الحرام والشهر الحرام وأخذوا المال الحرام ، والله لإصبع من عثمان خير من طاق الأرض أمثالهم! وو الله لو أن الذي اعتدّوا به عليه كان ذنبا لخلص منه كما يخلّص الذهب من خبثه أو الثوب من درنه إذ ماصوه كما يماص الثوب بالماء ، أي يغسل) (١).
وذكر ابن قتيبة الدينوري :
(إن عائشة لمّا أتاها أنه بويع لعليّ عليهالسلام ، وكانت خارجة عن المدينة ، فقيل لها : قتل عثمان ، وبايع الناس عليّا ، فقالت : ما كنت أبالي أن تقع السماء على الأرض ، قتل والله مظلوما ، وأنا طالبة بدمه ، فقال لها عبيد : إن أول من طعن عليه وأطمع الناس فيه لأنت ، ولقد قلت : اقتلوا نعثلا فقد فجر (٢) ، فقالت عائشة : قد والله قلت وقال الناس ، وآخر قولي خير من أوله ، فقال عبيد : عذر والله ضعيف يا أمّ المؤمنين) (٣) ثم أنشد الشعر المتقدم.
قال ابن أبي الحديد :
(قال كلّ من صنّف في السير والأخبار : إن عائشة كانت من أشدّ الناس على عثمان حتى إنّها أخرجت ثوبا من ثياب رسول الله فنصبته في منزلها وكانت تقول للداخلين إليها : هذا ثوب رسول الله لم يبل وعثمان قد أبلى سنّته ، قالوا : أوّل من سمّى عثمان نعثلا عائشة ، وكانت تقول : اقتلوا نعثلا قتل الله نعثلا) (٤).
وفي لفظ الطبري :
__________________
(١) الكامل في التاريخ ج ٣ / ٢٠٦ وتاريخ الطبري ج ٣ / ٤٧٦.
(٢) في فتوح ابن الأعثم ج ٢ / ٢٤٩ : «فقد كفر».
(٣) الإمامة والسياسة ص ٧١ باب خلاف عائشة على عليّ عليهالسلام.
(٤) الغدير ج ٩ / ٨١ نقلا عن ابن أبي الحديد في شرح النهج.