وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ) (١).
إن أئمة أهل البيت عليهمالسلام أوصوا شيعتهم المنتظرين بضرورة الانفتاح على دلائل الظهور وعلاماته ، لرصد حركة الواقع بوعي ودقة ، محذّرين من الانزلاق وراء رايات الضلال التي تخرج قبل اليوم الموعود ، فالدعوة إلى التطلع إلى الحاضر دون المستقبل تعني التخلي عن الانفتاح على علامات الظهور التي من خلالها نتطلع إلى قائدنا المغيّب المهدي المنتظر عليهالسلام ، وهي دعوة صريحة لرفض توجيهات أهل البيت في مسألة الانتظار والتمرد عليها وإن تظاهرت باسم الدين ولبست مسوح البحث العلمي.
وللعلامات دور بارز في تنشيط الحركة الثقافية المهدوية لدى القواعد الشعبية العاشقة لإمام الزمان روحي فداه ، بحيث تجعل المؤمن المنتظر يعيش حالة التربّص واليقظة الدائمة ليكون حارسا أمينا على المحافظة على مبادي إمام زمانه ، كما أنها تحوّل العقيدة بالإمام المهديّ عليهالسلام من قضية إيمانية ذاتية تجريدية إلى قضية سياسية كبرى في الأمة ، تقود المؤمنين المجاهدين بأموالهم وأنفسهم في ساحة الصراع مع أعداء إمامهم المغيّب (عجّل الله فرجه الشريف) بآمالها الكبيرة التي تشعها في النفوس ، فتبدد بنورها وهداها ظلام اليأس والقنوط ، عند اشتداد ضغوط الظلم والجور ، وتكالب قوى الكفر والطاغوت في ساحة الصراع عليهم.
إن ترقب وقوع علامات الظهور والتعامل مع أحداثها السياسية التي تتحقق على الأرض يزيد من التزام المؤمن بالإسلام عقيدة وشريعة ، في حياته الفردية والاجتماعية ، نتيجة لشعوره بقرب تحقق اليوم الموعود ، واستعدادا لاستقبال وليّ الله الأعظم ، حيث لا مجال لمهادنة المشركين والكافرين والنواصب والمنحرفين في دولته المباركة ، فمن لم يكن مستعدا بكل قواه الروحية والفكرية والنفسية لاستقبال بقية الله قبل ظهوره ، لا يملك المقدمات الذاتية والسلوكية التي تؤهله
__________________
(١) سورة النحل : ٨٩.