وزبدة المقال : أن رقية وأم كلثوم هما ربيبتا رسول الله من غير خديجة ، وقد كان العرب يطلقون على ربيبة الرجل : إنها ابنته ، وعليه يصح أن يقال لمن يتزوج تلك الربيبة : أنه صهر لذلك الرجل.
من هنا يتضح لنا وجه القول الذي نسب إلى أمير المؤمنين ـ على فرض صحته ـ حينما قرّر لعثمان أن نسبته إلى رسول الله أكثر من نسبة سلفيه أبي بكر وعمر إليه ، فقال له : «وقد نلت من صهره ما لم ينالا» (١).
ومع هذا لم يقم ذاك الصهر على تينك الربيبتين بواجبه تجاه الرجل الذي أكرمه بتزويج ربيبتيه له.
فإن قيل : كيف يجوز أن ينكح النبيّ ربيبتيه من يعرف من باطنه خلاف الإيمان؟
قلنا : أن تزويجه ربيبتيه لعثمان مع ما علم من حاله على فرض حصول ذلك الزواج لا يخلو من أمرين :
١ ـ إما أن يكون زوّجه على ظاهر الإسلام ، بمعنى أن الله تعالى قد أباح له مناكحة من ظاهره الإسلام وأن علم من باطنه النفاق ، وخصّه بذلك ورخّص له فيه كما خصّه في أن يجمع بين أكثر من أربع حرائر في النكاح ، وأباحه أن ينكح بغير مهر ، ولم يحظر عليه المواصلة في الصيام ولا في الصلاة بعد قيامه من النوم بغير وضوء ، وأشباه ذلك مما خصّ به وحظر على غيره من عامة الناس.
٢ ـ وإما أن يكون زوّجه إياها تألفا له على الإسلام ، كما تزوّج هو صلىاللهعليهوآلهوسلم من حفصة وعائشة وبنت أبي سفيان ، فكان زواجه منهنّ تأليفا للقلوب إلى الإسلام فما الضير أن يزوّج من عرف من باطنه خلاف الإيمان لما ذكرنا ، ولمصلحة لم ندرك كنهها؟
__________________
(١) نهج البلاغة ج ٢ / ٨٥ والبداية والنهاية ج ٧ / ١٦٨.