وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : (ضربة عليّ يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين) (١) فصحّ أن نقول : إن الإسلام محمّدي الوجود ، علوي البقاء ، وإن الفضل
__________________
(١) مصادره كثيرة : انظر المواقف / الإيجي ، ص ٦١٧ ، نهاية العقول في دراية الأصول / فخر الدين الرازي ، ص ١١٤. شرح المقاصد / التفتازاني : ج ٢ / ٢٣٠ ط الآستانة. نفحات اللاهوت / الكركي ص ٩١ ط. الينابيع / القندوزي ، ص ٩٥ وص ١٣٧ ط اسلامبول ، تاريخ بغداد / الخطيب البغدادي : ج ١٣ / ١٩. مقتل الحسين / الخوارزمي ، ص ٤٥. فرائد السمطين / الحمويني : ج ١ / ٢٥٥ ح ١٩٧ ، شواهد التنزيل / الحسكاني : ج ٢ / ٥ ، مستدرك الحاكم : ج ٣ / ٣٢ السيرة الحلبية بهامشه السيرة النبوية : ج ٢ / ٣٢٠ ، بحار الأنوار : ج ٢٠ / ٢١٦.
عن علي بن الحكيم الأودي قال : سمعت أبا بكر بن عيّاش يقول : لقد ضرب عليّ ضربة ما كان في الإسلام أعزّ منها ، (أي يوم الخندق) ولقد ضرب ضربة ما ضرب في الإسلام أشأم منها أي ضربة ابن ملجم للإمام عليهالسلام. بحار الأنوار : ج ٢٠ / ٢٥٨. والمراد من الثقلين :
إما الجن والإنس ، وإما العالم العلوي والسفلي ، فالعلوي : يشمل جميع الملائكة حتى الكروبيين وروح القدس ، والسفلي : ويشمل الجن والإنس. فالعلوي ثقل ، والسفلي ثقل. ولا يبعد الأمرين معا ، وإن كان الأظهر الثاني لسعة إحاطتهم للمعارف والكمالات ، ولكونهم أفضل ما خلق الله تعالى على الإطلاق.
سؤال :
لما ذا صارت ضربة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب روحي فداه وعليهالسلام أفضل من عبادة الثقلين؟
والجواب :
صارت كذلك لأمرين :
(١) لأن ضربته كانت خالصة لله تعالى ، فهي مصداق قوله تعالى : (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى).
(٢) لأنها أدخلت العزّ للإسلام والمسلمين ، فلو لا أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام يوم الخندق لانطفأت شعلة الدين ، فعليّ المرتضى قائد الغر المحجلين أبقاها متوقدة ، فله عليهالسلام فضل على عبادة المؤمنين إلى قيام يوم الدين ، فضربته سببا لعبادتهم لله رب العالمين.
والتخصيص بالضربة بقوله «ضربته» إشارة إلى جنبة العمل الصادر منه عليهالسلام ، حيث يتفاضل بتفاضل المعرفة وكمالها ، فكلما كان العمل مخلصا لله تعالى دل ذلك على عظمة العلم لدى صاحبه ، فضربته أثر من آثار معرفته بالله تعالى التي لا يرقى إليها مخلوق على الإطلاق إلّا سيّد الرسل محمّد وفاطمة الصدّيقة الشهيدة وأولادها الأنوار المقدّسين الطاهرين ، فلمّا كانت معرفته بالله أرقى من معارف الثقلين ، كانت ضربته أعظم وأفضل من عبادة الثقلين. تأمل وتدبر.