سيّما وأن القوم أصبغوا عليه لقب ذي النورين. هذا مضافا إلى أن عبد الله بن عمر احتجّ على من قال له في فتنة ابن الزبير : «... فما قولك في عليّ وعثمان؟!
قال : أمّا عثمان ، فكان الله عفا عنه ، وأمّا أنتم فكرهتم أن تعفوا عنه ، وأمّا عليّ ، فابن عم رسول الله وختنه ، وأشار بيده ، فقال : هذا بيته حيث ترون» (١).
فلو كان عثمان صهرا لرسول الله لكان المناسب لابن عمر أن يستدل به على السائل ، بل كان أنسب من غيره ، وذلك للحاجة الماسة إلى كل ما من شأنه أن يظهر قربه من النبي ومقامه منه ـ لو كان ـ بغية دفع الشبهة عن عثمان حين فرّ في أحد. فلو كان عثمان صهرا للنبيّ كأمير المؤمنين عليّ لما أجلّ ابن عمر ذكر هذه المنقبة لعثمان؟!
وأما الأمر الثاني :
فلا نقطع بصحة ما قيل من أن لرسول الله بنات غير الصدّيقة الطاهرة فاطمة عليهاالسلام ، وما ورد في خبر واحد في مصادرنا لا يعوّل عليه بعد ما عرفت من القرائن في الأمر الأول ، هذا مضافا إلى موافقته لأخبار العامة القائلين بصحة ذلك لينسبوا فضيلة لعثمان بن عفّان ، وما كان موافقا لأخبارهم لا حجية فيه عندنا ، بل على فرض التسليم بصحة الخبر الذي دل على وجود بنات لهصلىاللهعليهوآلهوسلم فيحمل على كونهنّ ربائب قام النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بتربيتهنّ ، وقد كان العرب يطلقون على ربيبة الرجل : إنها ابنته ، كما هو معروف ، ولو قلنا بأنهنّ بنات له حقيقة لا ادعاء «فلعلهنّ متن وهن صغار» (٢) ، مما حمل القصاصون الأمويون على أن ينسبوا أمر تزويجهنّ لعثمان.
لكنّ الأخير غير سديد لعدم وجود دليل عليه ، فالأرجح أنهنّ ربائبه وذلك لأمور :
__________________
(١) صحيح البخاري ج ٣ / ٦٨.
(٢) بنات النبي أم ربائبه ص ١١٤.