والحاكم بإسناد صحيح عن أبي هريرة قال : ما احتذى النعال ولا ركب المطايا ، ولا وطئ التراب ، بعد رسول الله أفضل من جعفر بن أبي طالب (١).
قال ابن قتيبة في المعارف :
«وقال أبو هريرة : نشأت يتيما وهاجرت مسكينا ، وكنت أجيرا لبسرة بنت غزوان بطعام بطني ، وعقبة رجلي ، فكنت أخدم إذا نزلوا ، وأحدوا إذا ركبوا ، وكنيت بأبي هريرة بهرة صغيرة كنت ألعب بها» (٢).
ومن ألقابه : «شيخ (٣) المضيرة» وسبب تلقيبه بهذا أنه كان أكولا يحب الطعام وخصوصا المضيرة مع معاوية ، فإذا حضرت الصلاة صلّى خلف الإمام عليّ عليهالسلام ، فإذا قيل له في ذلك قال : مضيرة معاوية أدسم وأطيب ، والصلاة خلف عليّ أفضل.
وكان يقول : ما شممت رائحة أطيب من رائحة الخبز الحار ، وما رأيت فارسا أحسن من زبد على تمر.
وقد جعل أبو هريرة الأكل من المروءة ، فقد سئل : ما المروءة؟ قال : تقوى الله وإصلاح الصنيعة ، والغداء والعشاء بالأفنية (٤).
ورغم صحبته القليلة لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم التي لم تتجاوز العامين (٥) ، فقد روى الجمّ الغفير من الروايات بحيث لم يسبقه سابق ولم يلحقه لاحق ، وذكر أبو محمد ابن حزم أن مسند ابن مخلد قد احتوى من حديث أبي هريرة على خمسة آلاف
__________________
(١) أضواء على السنة المحمدية ص ١٩٧ بتصرف ببعض الألفاظ.
(٢) الإصابة ج ٤ / ٢٠٩ وفيه : «كنت أجيرا لبرة بنت غزوان».
(٣) «المضيرة» : طبيخ يتخذ من اللبن الماضر أي الحامض ، والمضيرة عند العرب أن تطبخ اللحم باللبن ، وربما خلطوا الحليب مع الحقين ـ اللبن ـ وهو حينئذ أطيب ما يكون. لاحظ لسان العرب ج ٥ / ١٧٨ ومجمع البحرين ج ٣ / ٤٨٢.
(٤) أضواء على السنة ص ١٩٩.
(٥) شيخ المضيرة / محمود أبو رية ، والبداية والنهاية ج ٨ / ٨٧ ، ط / دار الكتب العلمية.