الروايات الناهية المتواترة ، وإنما هو تفسير بما يفهمه العرف من اللفظ ، فإن الذي يترجم خطبة من خطب نهج البلاغة ـ مثلا ـ بحسب ما يفهمه العرف من ألفاظها ، وبحسب ما تدل القرائن المتصلة والمنفصلة ، لا يعدّ عمله هذا من التفسير بالرأي ، وقد أشار إلى ذلك الإمام الصادقعليهالسلام بقوله : إنما هلك الناس في المتشابه لأنهم لم يقفوا على معناه ، ولم يعرفوا حقيقته ، فوضعوا له تأويلا من عند أنفسهم بآرائهم ، واستغنوا بذلك عن مسألة الأوصياء فيعرّفونهم.
٢ ـ إن معنى التفسير بالرأي ـ كما قلنا ـ هو الاستقلال بفهم الآية أو الفتوى من غير مراجعة الأئمة عليهمالسلام ، مع أنهم قرناء الكتاب في وجوب التمسك ، ولزوم الانتهاء إليهم ، فإذا عمل الإنسان بالعمومات أو الاطلاقات الواردة في الكتاب ، ولم يأخذ بالتخصيص أو التقييد الوارد عن أئمة أهل البيت عليهمالسلام كان هذا من التفسير بالرأي.
وعليه فحمل اللفظ على ظاهره بعد الفحص عن القرائن المتصلة والمنفصلة من الكتاب والسنّة ، أو الدليل العقلي لا يعدّ من التفسير بالرأي بل ولا من التفسير نفسه ، لأن التفسير ـ كما قلنا ـ هو كشف القناع وليس منه حمل اللفظ على ظاهره.
هذا مضافا إلى أن الروايات دلت على الرجوع إلى الكتاب والعمل بما فيه ، ومن البيّن أن المراد من ذلك الرجوع إلى ظواهره ، وحينئذ فلا بدّ وأن يراد من التفسير بالرأي غير العمل بالظواهر جمعا بين الأدلة.
الوجه الثالث : غموض معاني القرآن.
حيث اشتماله على معان شامخة ، ومطالب غامضة ، وكل ذلك يكون مانعا عن فهم معانيه ، والإحاطة بما أريد منه.
والجواب :
إن القرآن وإن اشتمل على علم ما كان وما يكون ، وكانت معرفة هذا من القرآن مختصة بأهل البيت عليهمالسلام من دون ريب ، ولكن ذلك لا ينافي أن للقرآن