قال ابن أبي الحديد :
وأقطع عثمان مروان فدك ، وقد كانت فاطمة عليهالسلام طلبتها بعد وفاة أبيها صلوات الله عليه تارة بالميراث ، وتارة بالنحلة فدفعت عنها.
ونحن لا نعرف كنه هذا الإقطاع وحقيقته ، حيث لا مبرر له سوى غضب أموال الناس باسم الإسلام والحكومة الإسلامية ، فإن فدكا إن كانت فيئا للمسلمين كما ادّعاه أبو بكر ، فما وجه تخصيصه بمروان؟ وإن كانت ميراثا لآل رسول الله كما احتجت له الصديقة الطاهرة في خطبتها الشريفة ، واحتج له أئمة الهدى عليهمالسلام وفي مقدمتهم سيّد الخلق أمير المؤمنين عليه وعليهمالسلام ، فليس مروان منهم ، ولا كان للخليفة فيه رفع ووضع ، وإن كان نحلة من رسول الله لبضعته الطاهرة فاطمة المعصومة صلوات الله عليها كما ادّعته ـ ودعواها عين الحقيقة وشرفها ـ وشهد لها أمير المؤمنين وابناها الإمامان السبطان وأم أيمن المشهود لها بالجنة فردّت شهادتهم بما لا يرضي الله ولا رسوله ، وإذا ردّت شهادة أهل آية التطهير فبأي شيء يعتمد؟ وعلى أي حجة يعوّل؟ فإن كانت فدك نحلة فأي مساس بها لمروان؟ وأيّ سلطة عليها لعثمان حتى يقطعها لمروان؟.
(الثاني) : ومما تمخّض عن سياسة عثمان هو قضمه للأموال والصدقات وتوزيعها كما يحلو له فكره ، حيث كان يحسب نفسه وليّ المسلمين على مال الله ، يضعه حيث يشاء ويفعل فيه ما يريد ، فقام كما قال مولانا أمير المؤمنين : «نافجا حضنيه بين نثيله ومعتلفه ، وقام معه بنو أبيه يخضمون مال الله خضمة الإبل نبتة الربيع» (١).
وكان يصل رحمه بمال يستوي فيه المسلمون كلهم ، ولكلّ فرد من أفراد الأمة حق معلوم للسائل والمحروم ، لا يسوغ شرعا وعقلا حرمان أحد من نصيبه وإعطاء حقه لغيره من دون مرضاته.
__________________
(١) نهج البلاغة / صبحي الصالح ص ٤٩ خطبة ٣.