على شيء ولا يوصف بالاستطاعة وإنّما هو مجبور في أفعاله لا قدرة له ولا إرادة ولا اختيار ، وإنما يخلق الله تعالى الأفعال فيه على حسب ما يخلق في سائر الجمادات ، وتنسب إليه الأفعال مجازا كما تنسب إلى الجمادات .. والثواب والعقاب جبر كما أن الأفعال كلها جبر ، وإذا ثبت الجبر فالتكليف كان أيضا جبرا (١).
الفرقة الثانية : «النّجارية» ـ أصحاب حسين بن محمّد النّجّار ـ قال بخلق الأعمال خيرها وشرّها ، حسنها وقبحها ، والعبد مكتسب لها ، وأثبت تأثيرا للقدرة الحادثة ، ويسمى ذلك كسبا ، حسبما يثبته الأشعري (٢).
الفرقة الثالثة : «الضّرارية» ـ أصحاب ضرار بن عمرو وحفص الفرد ـ قالا : «إن أفعال العباد مخلوقة للباري حقيقة ، والعبد مكتسبها حقيقة» (٣).
فالفرقتان الأخيرتان تقرّان بالكسب ، وحقيقة الكسب ترجع إليهما ، وتبعهما على ذلك أبو الحسن الأشعري ، لتقدّمهما على الأخير المتوفى سنة ٣٢٤ ه ، ثم تبعه من أتى بعده.
وفي الواقع لا يختلف الكسب عن الجبر بشيء سوى بالاسم ، لأن حقيقة الجبر والكسب واحدة ، وهي أن العبد أداة وظرف للفعل الإلهي ولا علاقة لفعل العبد بصدور الفعل منه ، بل المصدر هو الله ، والمحل هو العبد. لذا عرّف القوشجي وهو أحد أعلام المذهب الأشعري :
«المراد بكسبه إياه ، مقارنته لقدرته من غير أن يكون هناك منه تأثير أو مدخل في وجوده سوى كونه محلا له» (٤).
__________________
(١) الملل والنحل للشهرستاني ج ١ / ٨٦.
(٢) نفس المصدر.
(٣) نفس المصدر ص ٩١.
(٤) شرح كشف المراد للقوشجي ص ٤٤٥ ط / قم.