أَرْضِعِيهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) (١).
فقد عيّن الله لأمّ موسى الوظيفة العملية ، وهكذا بالنسبة إلى عبد المطلب وعبد مناف فقد أراد الله بحكمته أن يبرز فضلهما على سائر الناس في الفترة ما بين عيسى ونبيّنا محمّد عليه وآله السلام.
كما أن لهما أسوة بمريم عليهاالسلام ، وبالخضر عليهالسلام الذي أفاض الله تعالى عليه العلم اللدني مع أنه ليس بنبيّ بل وليّ صالح على قول المشهور حسبما جاءت به الأخبار ، وعلى فرض كونه نبيّا ـ حسبما استفاده بعض لنون العظمة في قوله تعالى آتيناه رحمة من عندنا (٢) ـ فلا يراد منها التشريعية في مقابل شريعة موسى عليهالسلام ، بل هي نبوة تسديدية ، وعلى فرض سلّمنا بكونها تشريعية فلا تناهض تشريع موسى عليهالسلام وذلك لأن النبيّ موسى مكلّف بالظاهر ، والخضر عليهالسلام مكلّف بالباطن ، وكذا عبد المطلب وأبو طالب عليهماالسلام طبق القذة بالقذة.
وهكذا حدّثنا التاريخ عن خالد بن سنان العبسي فقد ذكر المؤرخون :
[أنه كان في الفترة ـ أي ما بين النبيين الكريمين عيسى ومحمّد عليهماالسلام ـ قيل : كان نبيا ، وكان من معجزاته أن نارا ظهرت بأرض العرب فافتتنوا بها وكادوا يتمجسون ، فأخذ خالد عصاه ودخلها حتى توسطها ففرّقها ، وهو يقول : بدّا بدّا كل هدى مؤدّى (٣) ، لأدخلنّها وهي تلظّى ولأخرجنّ منها وثيابي تندى ، ثم أنها طفئت وهو في وسطها.
فلما حضرته الوفاة قال لأهله : إذا دفنت فإنه ستجيء عانة من حمير يقدمها عير أبتر فيضرب قبري بحافره ، فإذا رأيتم ذلك فانبشوا عني فإني سأخبركم بجميع
__________________
(١) سورة القصص : ٧.
(٢) سورة الكهف : ٦٥ لاحظ تفسير الميزان للطباطبائي ج ١٣ / ٣٤٢.
(٣) في نسخة الأعلام للزركلي : يدا يدا كل هادي مورا إلى الله الأعلى ، لأدخلنّها وثيابي تندا.