بسم الله الرّحمن الرّحيم
«يا عليّ بن محمّد السمري أعظم الله أجر اخوانك فيك فإنك ميّت ما بينك وبين ستة أيام فأجمع أمرك ولا توص إلى أحد فيقوم مقامك بعد وفاتك ، فقد وقعت الغيبة التامة فلا ظهور إلّا بعد إذن الله تعالى ذكره ، وذلك بعد طول الأمد وقسوة القلوب وامتلاء الأرض جورا ، وسيأتي لشيعتي من يدّعي المشاهدة ، ألا فمن ادّعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذاب مفتر ولا حول ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم». قال : فنسخنا هذا التوقيع وخرجنا من عنده ، فلمّا كان اليوم السادس ، عدنا إليه وهو يجود بنفسه ، فقيل له : من وصيك من بعدك؟ فقال : «لله أمر هو بالغه» وقضى ، بهذا آخر كلام سمع منه رضي الله عنه وأرضاه» (١).
فالنص واضح في مدلوله من حيث عدم إمكان مشاهدة الإمام المهديّ عليهالسلام قبل الصيحة وخروج السفياني ، فالإمام عليهالسلام قبل تحقق هاتين العلامتين في احتجاب تام عن قواعده الشعبية المؤمنة به ، ومن الواجب ـ بحسب مقتضاه تكذيب كلّ من ادّعى رؤية الإمام المهديّ روحي فداه قبل تحقق ذلك ، وهو بظاهره ينافي الأخبار القطعية المتواترة التي وردتنا عن مقابلة الكثيرين للإمام المهديّ عليهالسلام خلال غيبته الكبرى على نحو لا يمكن الطعن في التوقيع ، ومقتضى هذه الأخبار لزوم تصديق المخبرين في الجملة ، مع أن هذا التوقيع يوجب علينا تكذيبه ، فكيف نوفّق بينه وبين تلك الأخبار؟
والجواب عنه من وجوه :
الوجه الأول : طعن الأصحاب في سند التوقيع من حيث كونه خبرا واحدا مرسلا ضعيفا ، لم يعمل به ناقله وهو الشيخ الطوسي في كتابه المذكور ، وأعرض الأصحاب عنه ، فلا يعارض حينئذ تلك الوقائع والقصص التي يحصل القطع عن
__________________
(١) غيبة الشيخ الطوسي ص ٢٤٢ وبحار الأنوار ج ٥٢ / ١٥١ وج ٥٣ / ٣١٨ ومنتخب الأثر ص ٤٠٥ وفي نسخة البحار (وسيأتي من شيعتي من يدّعي) وفي نسخة : (وسيأتي في شيعتي).