الحق ، يدور معهم حيثما داروا ، في الدار فاطمة سيّدة نساء العالمين من الأولين والآخرين ، فاطمة الصدّيقة التي يسخط الله لسخطها ويرضى لرضاها ، فاطمة التي طالما قال لها النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم : فداك أبوك (١) وفاطمة بضعة مني ، يؤذيني ما آذاها (٢).
فاطمة روحي التي بين جنبيّ من آذاها فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله (٣).
فاطمة التي : لمّا زفت كان النبيّ أمامها وجبرائيل عن يمينها وميكائيل عن يسارها (٤).
فاطمة التي : كان يشم النبيّ منها رائحة الجنّة (٥).
وهنا نحاول باقتضاب أن نسلّط الضوء على جانب من جوانب حياتها المباركة الطاهرة ، ألا وهو الجانب المأساوي الحزين ، الذي ما برح التاريخ يردّده بأنين لا ينقطع ، ويدوّنه بحروف قاتمة على صفحات سوداء لما أصابها من غبن وحيف ، وما لحقها من تعسّف واضطهاد ، رائيا حال أولئك الذين تهافتوا على حطام الدنيا البالية ، وانقادوا للأباطيل التي منّت بها أنفسهم الأمارة بالسوء ، واتبعوا شهواتهم الفانية ، وغرّهم بالله الغرور.
والبحث في الجانب المأساوي ذو شقين :
الأول : الجانب النفسي.
الثاني : الجانب الحقوقي.
__________________
(١) رواه الحاكم في المستدرك ج ٣ / ٥٦ ط / حيدرآباد ، والخوارزمي في مقتل الإمام الحسين ص ٦٦ ط / الغري.
(٢) رواه مسلم في صحيحه ج ٧ / ١٤٠ ط / محمد صبح بمصر ، السنن الكبرى للبيهقي ج ١٠ / ٢٠١ ط / حيدرآباد.
(٣) منتخب كنز العمال / علي متقي الهندي (المطبوع بهامش المسند ج ٥ / ٩٦ ط / الميمنية بمصر).
(٤) تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ج ٥ / ٨٧.
(٥) ينابيع المودة ص ٢٠٤.