وما تنطق به كتب التواريخ والسّير ، فإذا جاز دخول بيت فاطمة لأمر لم يقع بعد جاز كشف ستر عائشة على ما قد وقع وتحقق ، فكيف صار هتك ستر عائشة من الكبائر التي يجب معها التخليد في النار ، والبراءة من فاعله من أوكد عرى الإيمان ، وصار كشف بيت فاطمة والدخول عليها منزلها وجمع حطب ببابها ، وتهدّدها بالتّحريق من أوكد عرى الدين وأثبت دعائم الإسلام ، ومما أعزّ الله به المسلمين وأطفأ به نار الفتنة ، والحرمتان واحدة ، والسّتران واحد ، وما نحبّ أن نقول لكم : إن حرمة فاطمة أعظم ، ومكانها أرفع ، وصيانتها لأجل رسول الله أولى ، فإنها بضعة منه ، وجزء من لحمه ودمه ، وليست كالزوجة الأجنبية التي لا نسب بينها وبين الزوج ، وإنما هي وصلة مستعارة ، وعقد يجري مجرى إجارة المنفعة ، وكما يملك رقّ الأمة بالبيع والشراء ... وكيف تكون عائشة أو غيرها في منزلة فاطمة ، وقد أجمع المسلمون كلّهم من يحبّها ومن لا يحبّها منهم أنها سيّدة نساء العالمين! ..» (١).
هذه نبذة مما ورد في كتب العامة حول التهديد بالإحراق ، وهناك الكثير يحصل عليه المتتبع.
وأما ما يدل على ذلك من كتب الشيعة الإمامية فكثير جدا ، على الرغم من حساسية الموضوع ، لظروف قاسية وأليمة ، عانى مؤرخو الإمامية منها الكثير يوم ذاك ، ومع هذا وصلنا الجم الغفير من تلكم النصوص الصحيحة والصريحة منها :
(١) قال سليم بن قيس «رضي الله عنه» (ولد عام ١١ للبعثة ، وتوفى ٧٦ ه):
«وانطلق ـ أي قنفذ لعنه الله تعالى ـ فاستأذن على أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام ، فأبى أن يأذن لهم ، فرجع أصحاب قنفذ إلى أبي بكر وعمر ، وهما جالسان في المسجد والناس حولهما ، فقالوا : لم يؤذن لنا ، فقال عمر : اذهبوا فإن أذن لكم
__________________
(١) شرح النهج ج ٢٠ / ٢٧١.