عرف من بأسه وشدته ، فقال أبو بكر لقنفذ : ارجع فإن خرج وإلا فاقتحم عليه بيته ، فإن امتنع فأضرم عليهم بيتهم النار.
فانطلق قنفذ الملعون فاقتحم هو وأصحابه بغير إذن ، وثار عليّ إلى سيفه ، فسبقوه إليه ، وكاثروه وهم كثيرون ، فتناول بعض سيوفهم فكاثروه فألقوا في عنقه حبلا ، وحالت بينهم وبينه فاطمة عليهاالسلام ، عند باب البيت فضربها قنفذ الملعون بالسوط ، فماتت حين ماتت وإنّ في عضدها كمثل الدملوج من ضربته لعنه الله.
ثم انطلق بعليّ عليهالسلام يعتل عتلا ، حتى انتهى به إلى أبي بكر وعمر قائم بالسيف على رأسه وخالد بن الوليد وأبو عبيدة بن الجراح وسالم مولى أبي حذيفة ، ومعاذ بن جبل والمغيرة بن شعبة وأسيد بن حضير وبشير بن سعد وسائر الناس حول أبي بكر عليهم السلاح.
قال : قلت لسلمان : أدخلوا على فاطمة عليهاالسلام بغير إذن؟!
قال : أي والله وما عليها خمار! فنادت : يا أبتاه! يا رسول الله! فلبئس ما خلفك أبو بكر وعمر ، وعيناك لم تتفقأ في قبرك (١) ، تنادي بأعلى صوتها ، فلقد رأيت أبا بكر ومن حوله يبكون ، ما فيهم إلا باك غير عمر وخالد والمغيرة بن شعبة ، وعمر يقول : إنّا لسنا من النساء ورأيهن في شيء.
قال فانتهوا بعليّ عليهالسلام إلى أبي بكر وهو يقول أما والله لو وقع سيفي في يدي لعلمتم أنكم لم تصلوا إلى هذا أبدا ، أما والله لا ألوم نفسي في جهادكم ، ولو
__________________
(١) قوله : «وما عليها خمار ، وعيناك لم تتفقأ في قبرك» ، هذان المقطعان نتحفظ بالأخذ بهما وذلك ، أما الأول فلمخالفته للأخبار الأخر الدالة على وجود خمار عليها ، ومنها ما تقدم من خبر الخصيبي من أن عمر ضربها حتى أبرى قرطها تحت خمارها ، ولأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أعلمها بما سيجري عليها ، فعلى أقل تقدير كانت مهيأة لمثل تلك الحالة. وأما الثاني فلمنافاته للأخبار التي دلت على أن الله حافظ لأجسادهم تكريما لها من التغير والحدثان ، وتفقأ العينين مخالف للتكريم ، إلّا إذا كان المراد من «التفقؤ» التغير الجزئي لكنه خلاف معناه اللغوي. وبالجملة : هذان الاعتراضان لا يخلّان بالتواتر الإجمالي للقضية.