أسطورة الغرانيق باطلة :
إن أسطورة الغرانيق باطلة ومردودة بوجوه :
الأول : حكم العقل بضرورة عصمة الأنبياء والأوصياء عليهمالسلام عن أي خطأ وزلل بقوة ملكوتية ، إذ لو تعرّض مثل هؤلاء إلى الخطأ والسهو والزلل في أمور الدين وشئونهم العادية ، لزالت ثقة الناس بهم وبكلامهم ، وقد أسهبنا بذكر الأدلة على عصمتهم في كل الشئون التبليغية وغيرها في البحوث السابقة فلا نعيد.
ومن المسلّم أن عصمة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كانت تمنعه وتحفظه من أي نوع من هذه الحوادث في تبليغ رسالته السماوية.
والقصة المزعومة تثبت السهو لرسول الله في القراءة وهي نوع تبليغ للوحي قد قامت الأدلة العقلية والنقلية على قبحه.
أما العقل : فلأنه صلىاللهعليهوآلهوسلم لو سها في التبليغ ـ أي القراءة هنا ـ لم يأمن عليه السهو في تبليغ الوحي للآخرين ـ أي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإيصال الأحكام إلى المكلّفين ـ فينهى عن المعروف ويأمر بالمنكر سهوا ، أو يقلب الحلال إلى الحرام وبالعكس سهوا ، وكل ذلك باطل صدوره منه عليهالسلام.
مضافا إلى ذلك فإن السهو في تبليغ الوحي مجمع على بطلانه في حق الأنبياء والمرسلين والأولياء عليهمالسلام فيكون منفيا عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وأما الشرع : فلقوله تعالى : (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى) (١) وقوله (وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً) (٢).
وقوله تعالى : (وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً) (٣).
__________________
(١) سورة الأعلى : ٦.
(٢) سورة الإسراء : ٧٣.
(٣) سورة الإسراء : ٧٤.