(يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ) (١).
ولا ريب أن المورد لا يخصص الوارد ، فالآية وإن كان مورد نزولها اليهود إلا أنّها واردة على كل من اتصف بصفاتهم وتقمّص شمائلهم ، فلا يقتصر التحريف عليهم بل يعم النصارى والمسلمين ممن انحرف عن جادة الأنبياء والأوصياء عليهمالسلام.
فهذا المعنى من التحريف ورد المنع عنه كما في ظاهر الآيات المتقدمة لكونه كذبا على الله تعالى ، وقد ذم فاعله أيضا في عدة من أخبارنا ، منها : ما رواه الكليني (قدّس سره) بإسناده عن الإمام الباقر عليهالسلام أنه كتب في رسالته إلى سعد الخير :
«وكان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه وحرّفوا حدوده ، فهم يروونه ولا يرعونه ، والجهال يعجبهم حفظهم للرواية ، والعلماء يحزنهم تركهم للرعاية» (٢).
(الثاني) : النقص أو الزيادة في الحروف أو في الحركات ، ويشمل في زماننا هذا التجويد بشكل مجمل حيث إني أعتبر إدغام حرف بحرف نوع تحريف للقرآن الكريم باعتبار حذف بعض الحروف ليتلائم مع قواعد التجويد التي هي في الواقع من مبتدعات أعداء آل البيت ، وليس عليه شاهد من آية أو رواية.
وهذا التحريف بهذا المعنى واقع في القرآن قطعا وذلك لوجود قراءات سبعة بل أكثر من سبعة ، وقد ثبت عدم تواتر القراءات عن النبيّ والعترة الطاهرة بل ولا عن القراء أنفسهم ، فأكثرها اجتهادات من القراء أنفسهم ، ومعلوم عدم حجية هذه الاجتهادات مهما أوتي أصحابها من الاحتياط والورع ، فلا تصلح أن يستدل بها على الحكم الشرعي ، والدليل على ذلك أن كل واحد من هؤلاء القرّاء يحتمل فيه
__________________
(١) سورة المائدة : ٤١.
(٢) الوافي آخر كتاب الصلاة : ص ٢٧٤.