من هذا الحديث ضحك حتى تبدو آخر أضراسه ، الحديث (١).
ورواه ابن خزيمة عن ابن مسعود وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي.
وقد تأول ابن خزيمة صفة ضحك الرب تأويلا باردا فقال :
«لا يشبه ضحكه ضحك المخلوقين ، وضحكهم كذلك ، بل نؤمن بأنه يضحك كما أعلم النبيّ ونسكت عن صفة ضحكه جلّ وعلا ، إذ الله عزوجل استأثر بصفة ضحكه لم يطلعنا على ذلك ، فنحن قائلون بما قال النبيّ مصدّقون بذلك بقلوبنا منصتون عمّا لم يبيّن لنا ، مما استأثر الله تعالى بعلمه» (٢).
يرد عليه :
أن المراد من ضحكه شيئان :
إما أن يكون كضحكنا الملازم لبدو الأسنان والفم.
وإما أن يكون مختلفا بالماهية عمّا ذكرنا ، ولا شيء آخر غيرهما ، لكون الأمر دائرا بين القبول تماما أو الرد كذلك ، والقول بأنه يضحك ولا نعلم حقيقته لا نعلم له وجها بل هو خلاف القسمة العقلية الدائرة بين النفي والإثبات ، وما ادّعاه ابن خزيمة تماما كدعوى التثليث عند النصارى ، حيث لمّا عجزوا عن تفسيره بما ينسجم مع منطق العقل ادّعوا : أن التثليث فوق مستوى عقول البشر ، قال صاحب معجم اللاهوت :
«الثالوث هو سر في المعنى الحصري ، ومن غير الممكن أن يعرف من دون وحي ، والذي لا يمكن حتى وإن أوحي به أن يسبر غوره العقل المخلوق» (٣).
وعليه فإن صاحب المعجم أراح أتباع الكنيسة من فهم الثالوث لكونها عقيدة
__________________
(١) السنة ص ٢٠٨.
(٢) التوحيد لابن خزيمة ص ٢٣١.
(٣) معجم اللاهوت ص ٩٧ مادة الثالوث.