ملاحظة :
ليس المقصود من كشف شعرها روحي فداها أنها أرادت أن تكشفه أمام الرجال المقتحمين دارها ـ حسبما سمعته من بعض المشكّكين ـ حاشاها ـ بأبي وأمي ـ كيف! وهي الكاملة الطاهرة المطهّرة ، تتنزه عن هذا الفعل أبسط النساء المتدينات ، فكيف بسيّدة نساء العالمين!
(٦) اعتراف أبي بكر بكشفه دار الصدّيقة الطاهرة فاطمة عليهاالسلام ، حيث ندم وهو على فراش الموت على فعلته الشنعاء فقال :
«إني لا آسى على شيء من الدنيا إلا على ثلاث أني تركتهنّ ... إلى أن قال : فوددت أني لم أكشف بيت فاطمة عن شيء وإن كانوا قد غلّقوه على الحرب» (١).
إن مقاله الأخير «وإن كانوا قد غلّقوه ..» يكشف عن سوء عقيرته ، وأنه ينفث عن حقد على آل بيت النبوة ، إنّ أبا بكر يقلب الحقائق بذيل كلامه ، إذ لو غلّق أمير المؤمنين عليهالسلام بيته على حرب لما كان أمكنهم الدخول إلى داره ، وهم يعلمون شدة بطشه وقوة جنانه ، ومن ذا يقدر على مواجهة مولى الثّقلين عليّ المرتضى عليهالسلام إلّا إذا كان متهورا ويحب الانتحار ، لكنّ القوم لمّا عرفوا أنه موصى تجرءوا على ذلك الطود الشامخ ، هيكل القداسة والعظمة أمير المؤمنين عليّ روحي فداه ، لذا قادوه كما يقاد الجمل المخشوش ، من هنا كان سوقه إلى أبي بكر سوقا عنيفا امتحانا لهذه الأمة المتخاذلة التي وقفت تنظر إلى المظلومية بعين الرضا والطمع والتملق إلى خليفتهم أبي بكر (إن الطيور على أشكالها تقع) ، ولا أحد يحرّك ساكنا ليرفع الضيم عن ذاك الطود العظيم الذي طالما أعزّ به الإسلام والمسلمين ، وطالما أعطى كل ما لديه لنصرة الدين ، لكنه كوفئ بالقهر
__________________
(١) تاريخ الطبري ج ٢ / ٦١٩ والأموال لأبي عبيد ص ١٣١ والإمامة والسياسة ج ١ / ٣٦ والمسعودي في مروج الذهب ج ١ / ٤١٤ والعقد الفريد لابن عبد ربه ج ٢ / ٢٥٤.