وقيل : الجزء ما تشتمل عليه الماهية.
ونقض بترك الكلام والفعل الكثير وسائر المفسدات ، فإنها مما تشتمل ماهية الصلاة على وجوب تركها ، مع انها لا تعدّ جزء وانما يعدّها بعضهم شروطا.
وأجيب : بأن المراد بـ ( ما تشتمل عليه الماهية ) من الأمور الوجودية المتلاحقة التي افتتاحها التكبير واختتامها التسليم ، وظاهر انّ التروك أمور عدمية ليس فيها تلاحق ، وهذا فيه تفسير آخر للأجزاء ، وحينئذ الشروط ما عداها.
وقيل : انّ الشرط ما يساوق جميع ما يعتبر في الصلاة ، والركن ما يكون معتبرا فيها لا بمساوقة ، فإن الطهارة والاستقبال تساوق الركوع والسجود وسائر أفعال الصلاة ، بخلاف الركوع فإنه لا يصاحب جميع الأفعال ، ولا ريب انّ حقيقة الصلاة انما تلتئم من هذه الأفعال المخصوصة ، فما لم يشرع فيها ليس بمصل وان وجد منه سائر المقدمات.
وظاهر ان النية مقارنة للتكبيرة الذي هو جزء وركن ، فلا يبعد انتظامها في الاجزاء ، وخصوصا عند من أوجب بسط النية على التكبير ، أو حضورها من أوله الى آخره (١) ولأنّ قوله تعالى ( وَما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) (٢) مشعر باعتبار العبادة حال الإخلاص ، وهو المراد بالنية ، ولا نعني بالجزء الاّ ما كان منتظما مع الشيء بحيث يشمل الكل حقيقة واحدة.
وحينئذ نجيب عن تمسك القائلين بالشرطية.
اما عن الأول : فلأنّ النية وان توقّف عليها تأثير المصلي في جعل الافعال متعبّدا بها ، أو توقّف عليها صحة الفعل بمعنى : استتباع غايته من الثواب فلا ينافي ذلك جزئيّتها ، لأن سائر الأجزاء التي هي كذلك تتوقّف
__________________
(١) راجع : المعتبر ٢ : ١٥٠ ، شرائع الإسلام ١ : ٧٨.
(٢) سورة البينة : ٥.