اليقين. وفي حكم المعاينة إذا نصب محرابا بعد المعاينة ، فإنه يصلي إليه دائما ، لأنّه يتيقن الصواب. وكذا الذي نشأ بمكة ويتيقن الإصابة ، ولو شك وجبت المعاينة بالترقي إلى سطح الدار.
ولا يكفي الاجتهاد هنا بالعلامات ، لانّه عدول من يقين الى ظن مع قدرته على اليقين ، وانه غير جائز.
نعم ، لو تعذر عليه ذلك ـ كالمحبوس ، أو خائف ضيق الوقت ـ جاز الاجتهاد ، وكذا من هو في نواحي الحرم ، فلا يكلف للصعود الى الجبال ليرى الكعبة ، ولا الصلاة في المسجد ليراها ، للحرج ، بخلاف الصعود على السطح ، ولان الغرض هنا المعاينة قبل حدوث الحائل فلا يتغير بما طرأ منه.
قالوا : فيه مشقة (١).
قلنا : مطلق المشقة ليست مانعة ، والا لارتفع التكليف.
وأوجب الشيخ والفاضل صعود الجبل مع القدرة (٢) وهو بعيد ، والاّ لم تجز الصلاة في الأبطح وشبهه من المنازل الا بعد مشاهدة الكعبة ، لأنه متمكن ولعله أسهل من صعود الجبل.
السادس : ظاهر كلام الأصحاب انّ الحجر من الكعبة بأسره (٣) وقد دل عليه النقل انه كان منها في زمن إبراهيم وإسماعيل الى أن بنت قريش الكعبة فأعوزتهم الآلات فاختصروها بحذفه ، وكان كذلك في عهد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ونقل عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم الاهتمام بإدخاله في بناء الكعبة (٤) وبذلك احتج ابن الزبير حيث أدخله فيها ثم أخرجه الحجاج بعده ورده الى ما
__________________
(١) المجموع ٣ : ٢١٣.
(٢) المبسوط ١ : ٧٨ ، تذكرة الفقهاء ١ : ١٠١.
(٣) راجع : المبسوط ١ : ٣٥٧ ، المهذب ١ : ٢٣٣ ، شرائع الإسلام ١ : ٢٦٧.
(٤) صحيح البخاري ٢ : ١٧٩ ، صحيح مسلم ٢ : ٩٦٨ ح ١٣٣٣ ، الجامع الصحيح ٣ : ٢٢٥ ح ٨٧٥ ، سنن النسائي ٥ : ٢١٦.