لا يطاق ونحوهما من المحسّنات والمقبّحات العقليّة ، فلا يجوز استصحابه ، لأنّ الاستصحاب إبقاء ما كان ، والحكم العقلي موضوعه معلوم تفصيلا للعقل الحاكم به.
فإن أدرك العقل بقاء الموضوع في الآن الثاني حكم به حكما قطعيّا كما حكم أوّلا ، وإن أدرك ارتفاعه قطع بارتفاع ذلك الحكم.
____________________________________
لا يطاق ونحوهما من المحسّنات والمقبّحات العقليّة ، فلا يجوز استصحابه.
وجه عدم جريان الاستصحاب في الحكم العقلي يتّضح بعد ذكر مقدّمة ، وهي : بيان الفرق بين حكم العقل والشرع.
وحاصل الفرق أنّ الموضوع في حكم العقل هو نفس مناط الحكم وعلّته ، بخلاف الموضوع في حكم الشرع حيث لا يكون نفس المناط والعلّة ، إذ لا يجب على الشارع أن يجعل موضوع حكمه في لسان الدليل عين ما هو مناط الحكم وعلّته.
فحينئذ يمكن أن يكون الموضوع شيئا والمناط شيئا آخر ، وذلك كحكم الشارع بحرمة الخمر حيث يكون المناط فيه هو الإسكار ، والموضوع هو الخمر ، فقد علم من هذا الفرق أنّ الموجود في حكم العقل والقضيّة العقليّة هو أمران : أحدهما الحكم ، والآخر الموضوع المتحد مع المناط. وفي حكم الشرع والقضيّة الشرعيّة ثلاثة امور :
الأوّل : هو الحكم. والثاني : هو الموضوع. والثالث : هو المناط.
إذا عرفت هذه المقدّمة يتّضح لك وجه عدم جريان الاستصحاب في الحكم العقلي وجريانه في الحكم الشرعي.
أمّا الأوّل ؛ فلانتفاء الشكّ في البقاء في حكم العقل ، مع أنّ الشكّ في البقاء يكون من أركان الاستصحاب وهو لا يتصوّر في الحكم العقلي ، لما عرفت من أنّ الموضوع في حكم العقل هو علّة ذلك الحكم المحمول.
فإن أدرك العقل بقاء الموضوع في الآن الثاني حكم به حكما قطعيّا كما حكم أوّلا ، وإن أدرك ارتفاعه حكم بارتفاع ذلك الحكم بطريق القطع فلا يتصوّر الشكّ فيه ، ومع عدم الشكّ كيف يتصوّر الاستصحاب ...؟.
وبعبارة اخرى : إنّ الحاكم بشيء لا يحكم به إلّا بعد إحراز جميع ما له دخل في حكمه بذلك الشيء ، فإن وجده في الزمان الثاني يحكم به ، كما حكم في الزمان الأوّل وإلّا فلا