ولا يخفى أنّ الملاقاة معلومة ، فإن كان اللّازم في الحكم بالنجاسة إحراز وقوعها في زمان القلّة ، وإلّا فالأصل عدم التأثير ، لم يكن وجه لمعارضة الاستصحاب الثاني بالاستصحاب الأوّل ، لأنّ أصالة عدم الكرّيّة حين الملاقاة لا يثبت كون الملاقاة قبل الكرّيّة وفي زمان
____________________________________
وعلى القول الأوّل يكون الاستصحاب الثاني مثبتا دون الأوّل. وعلى القول الثاني انعكس الأمر.
وبيان ذلك أنّ الحكم بالنجاسة هو حكم نفس المستصحب ، أعني : عدم الكريّة في الاستصحاب الأوّل على القول الأول ؛ لأنّ مقتضي النجاسة ـ أعني : الملاقاة ـ معلوم ، والمانع ـ أعني الكريّة حال الملاقاة ـ منفي بالأصل.
فتثبت النجاسة بمقتضى الاستصحاب الأوّل ولا يكون مثبتا. والاستصحاب الثاني مثبت ؛ لأنّ استصحاب عدم الملاقاة قبل الكريّة يلزمه عقلا وجود الكريّة حال الملاقاة المانع عن النجاسة فيحكم بالطهارة.
إلّا أنّ الطهارة ليست كالنجاسة حكم نفس المستصحب ـ أعني : عدم الملاقاة قبل الكريّة ـ في الاستصحاب الثاني ، بل حكم لوجود الكرّ عند الملاقاة وهو لازم عقلي للمستصحب ، أعني : عدم الملاقاة قبل الكريّة.
فيكون الاستصحاب الأوّل مثبتا. هذا تمام الكلام على القول بأنّ الكريّة مانعة عن الانفعال حيث يكون الأصل الثاني مثبتا دون الأوّل ، ومع ذلك فقد حكموا بتعارض الاستصحاب الأوّل بالاستصحاب الثاني.
فلو لم يكن الأصل المثبت حجّة لم يكن وجه لمعارضة الاستصحاب الأوّل بالثاني ، إذ لا يعقل التعارض بين ما يكون حجّة وبين ما لا يكون حجّة.
وأمّا على القول الثاني ، فانعكس الأمر ، بمعنى أنّ الاستصحاب الأول مثبت دون الثاني. كما أشار إليه بقوله :
فإن كان اللّازم في الحكم بالنجاسة إحراز وقوعها أي : الملاقاة في زمان القلّة ، وإلّا ، أي : وإن لم يحرز ذلك فالأصل عدم التأثير ، لم يكن وجه لمعارضة الاستصحاب الثاني بالاستصحاب الأوّل ، لكون الاستصحاب الاوّل مثبتا ؛ لأنّ النجاسة لا تترتّب على نفس المستصحب ، أي : عدم الكريّة حال الملاقاة ، بل تترتّب على لازمه العقليّ ، أعني :