إذا دلّ الدليل على أنّه يجب الصوم عند الشكّ في هلال رمضان بشهادة عدل ، فلا يلزم منه جواز الإفطار بعد مضيّ ثلاثين من ذلك اليوم ، أو كان بعض الآثار ممّا لا يعتبر فيه مجرّد الظنّ ، إمّا مطلقا ، كما إذا حصل من الخبر الوارد في المسألة الفرعيّة ظنّ بمسألة اصوليّة ، فإنّه لا يعمل فيه بذلك الظنّ ، بناء على عدم العمل بالظنّ في الاصول.
وإمّا في خصوص المقام ، كما إذا ظنّ بالقبلة مع تعذّر العلم بها ، فلزم منه الظنّ بدخول
____________________________________
لكنّه فاسد ؛ لأنّ دليل حجّيّة الظنّ الاستصحابي ـ أعني : بناء العقلاء ـ لم يفرّق بين الآثار.
والفرق بينها ـ بأن يكون الظنّ الحاصل من الاستصحاب حجّة بالنسبة إلى بعضها دون بعضها الآخر ـ إنّما يتمّ بوجوه ثلاثة كلّها منتفية بالفرض ، وقد أشار إليها بقوله :
إنّما يتمّ إذا كان دليل اعتبار الظنّ مقتصرا فيه على ترتّب بعض اللوازم دون آخر ، كما إذا دلّ الدليل على أنّه يجب الصوم عند الشكّ في هلال رمضان بشهادة عدل ، فلا يلزم منه جواز الإفطار بعد مضيّ ثلاثين من ذلك اليوم.
توضيح الكلام في هذا المقام على ما في شرح الاعتمادي ، هو أنّ شهادة عدل واحد بدخول رمضان يوجب الظنّ به ، وهو يوجب الظنّ بوجوب الصوم وخروج رمضان وجواز الإفطار بعد الثلاثين ، إلّا أنّ المفروض أنّ الشارع اقتصر على ترتيب بعض اللوازم وهو وجوب الصوم ، فلا دليل على ترتيب سائر اللوازم.
أو كان بعض الآثار ممّا لا يعتبر فيه مجرّد الظنّ إمّا مطلقا ، يعني : في جميع الموارد ، وذلك كما إذا حصل من الخبر الوارد في المسألة الفرعيّة ظنّ بمسألة اصوليّة ، فإنّه لا يعمل فيه ، أي : في هذا الفرض بذلك الظنّ ، بناء على عدم العمل بالظنّ في الاصول أصلا.
وحينئذ إذا حصل من خبر العادل ظنّ بمسألة فرعيّة وظنّ بمسألة اصوليّة يعمل به في المسألة الفرعيّة دون المسألة الاصوليّة ، كما إذا دلّ خبر العادل مثلا على أنّ من تزوّج امرأة في عدّتها وهو لا يعلم حرمته بعد الفحص لا عقاب عليه لحصل الظنّ منه بمسألة اصولية ، وهي أصالة البراءة عند الشكّ في التكليف كما حصل بهذه المسألة الفرعيّة.
ثم وجه العمل بالظنّ في المسألة الفرعيّة دون الاصوليّة هو أنّ أدلّة حجّيّة الخبر وإن لم تفرّق بين الظنّين ، إلّا أنّ الدليل الخارجي قام على اعتبار العلم في مطلق المسائل الاصوليّة ، كما في شرح الاعتمادي مع تصرّف منّا.