وأمّا استصحاب الاشتغال في مورد القاعدة على تقدير الاغماض عمّا ذكرنا سابقا ، من أنّه غير مجد في مورد القاعدة لإثبات ما تثبته القاعدة ، فسيأتي حكمها في تعارض الاستصحابين.
وحاصله أنّ الاستصحاب الوارد على قاعدة الاشتغال حاكم على استصحابه.
____________________________________
العقل بدفع العقاب المحتمل ، فكان الاستصحاب واردا عليها أيضا ، وإن قلنا بأنّها للتأسيس ، أي : تدلّ على وجوب الاحتياط تعبّدا عند الشكّ في المكلّف به ، فكان الاستصحاب حاكما عليها ومفسّرا لها ، فإنّ قوله : لا تنقض اليقين معناه عدم الاعتناء باحتمال تعلّق التكليف بغير ما تعلّق به سابقا ، ومعناه عدم وجوب الاحتياط بامتثاله ، فدليل وجوب الاحتياط مختصّ بمورد عدم الحالة السابقة ، كالإناءين المشتبهين والظهر والجمعة على ما في شرح الاعتمادي.
وأمّا استصحاب الاشتغال في مورد القاعدة كما إذا شكّ مثلا في وجوب القصر أو الإتمام ، حيث يكون قبل الإتيان بأحدهما موردا لقاعدة الاشتغال ، لأنّ موضوعها مجرّد الشكّ في المكلّف به ، وبعد الإتيان بأحدهما موردا لاستصحاب الاشتغال ، إذ موضوعه هو الشكّ في بقاء الاشتغال السابق ، فنقول : إن استصحاب الاشتغال غير مجد لإثبات ما تثبته قاعدة الاشتغال مع قطع النظر عن استصحاب وجوب التمام أو القصر ، لأنّ إثبات ما تثبته القاعدة بالاستصحاب تحصيل لما حاصل بالقاعدة ، وأمّا مع ملاحظة استصحاب وجوب التمام أو القصر الوارد على قاعدة الاشتغال ، فلا يجدي استصحاب الاشتغال أيضا ، وذلك لكون الاستصحاب الوارد على القاعدة حاكما عليه ، كما أشار إليه بقوله : وحاصله أنّ الاستصحاب الوارد على قاعدة الاشتغال حاكم على استصحابه الجاري بعد الإتيان بأحدهما ، وذلك فإنّ الشكّ في بقاء الاشتغال ـ حينئذ ـ مسبّب عن الشكّ في كون المكلّف به هو ما أتى به أو غيره ، فإذا جرى الأصل في الشكّ السببي تعيّن به كون المكلّف به هو ما أتى به فيرتفع ـ حينئذ ـ الشكّ المسبّبي فلا يبقى مجال لاستصحاب الاشتغال.