ذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ)(١).
____________________________________
تحرّى الدين المستقيم.
ومنه قوله عليهالسلام : دين محمّد صلىاللهعليهوآله حنيف (٢) أي : مستقيم لا عوج فيه ، والحنيف عند العرب من كان على دين ابراهيم عليهالسلام ، كما في الأوثق مع تلخيص منّا.
وكيف كان ، فقد استدلّ بالآية المذكورة ؛ تارة على اعتبار قصد القربة ونيّة الإخلاص في العبادات ، بمعنى أنّ المستفاد منها هو ثبوت الملازمة بين وجوب شيء واشتراط قصد القربة والإخلاص في صحّته في الشريعة السابقة ، فتستصحب الملازمة المذكورة ، ويحكم ببقائها في شريعتنا أيضا.
واستدلّ بها اخرى على أنّ الأصل في كلّ أمر أن يكون تعبّديا.
فالمستفاد من الآية هو الملازمة بين الأمر بشيء ، وبين تعبديّته ، فتستصحب هذه الملازمة في شرعنا ، فإذا شكّ في واجب أنّه تعبّدي أو توصلي يرجع إلى أصالة التعبّديّة.
ثمّ المصنّف قدسسره تعرّض للثمرة الاولى وهي اعتبار نيّة الإخلاص في العبادة ، ويتعرّض للثمرة الثانيّة وهي كون الأصل في كلّ أمر هو التعبّديّة في مقام الردّ ، والجواب عن الثمرة الاولى ، فلا بدّ أوّلا من تقريب دلالة الآية على الثمرتين ، وثانيا من بيان ما يردّ عليها.
فنقول : إنّ دلالة الآية على الثمرتين تتوقف على إثبات امور :
الأوّل : أن يكون اللّام في قوله تعالى : ((لِيَعْبُدُوا ...) إلى آخره) للغاية كي يفيد أنّ الغرض والغاية من الأوامر مطلقا هو إبقاءها على وجه العبادة ، حتى يكون مفاد الآية : وما امروا بشيء لغاية من الغايات إلّا لغاية التعبّد والعبوديّة ، فيكون المفعول ـ حينئذ ـ محذوفا.
والثاني : أن يكون المراد بالعبادة في الآية معناها المصطلح ، أعني : ما يشترط في صحّته قصد القربة في مقابل المعاملة بالمعنى الأعمّ.
والثالث : أن يكون الإخلاص بمعنى قصد القربة والإخلاص في نيّة العبادة.
والرابع : أن يكون الدين في قوله تعالى : (مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) بمعنى القصد ، حتى يكون المعنى هو الإخلاص في القصد.
__________________
(١) البينة : ٥.
(٢) الكافي ٣ : ٣٩٥ / ٨. الوسائل ٤ : ٣٩٣ ، أبواب لباس المصلّي ، ب ٢٣ ، ح ١. والحديث عن أبي جعفر عليهالسلام.