والثاني : من حيث إنّه فعل للمنوب عنه ، حيث إنّه بمنزلة الفاعل بالتسبيب أو الآلة.
____________________________________
يترتّب عليها براءة ذمّة الغير ، بل لا بدّ فيه من طريق شرعي آخر ، كعدالة الفاعل مثلا. هذا غاية ما يمكن أن يقال في توجيه كلام المشهور حيث اعتبروا العدالة في النائب.
ومن هنا يظهر وجه اشتراط جماعة العدالة في الموضّئ غيره.
قال المحقّق الآشتياني في المقام بعد كلام طويل ما هذا لفظه : «فالحقّ أنّ أصالة الصحّة في نفسها تقضي بعدم الفرق بين الأقسام والحكم بحصول براءة الذمّة ورفع التكليف في جميعها ، إلّا أنّ هنا شيئا يمكن أن يحكم بالنظر إليه بوجوب رفع اليد عن أصالة الصحّة في مواضع الإشكال من الأقسام المذكورة التي عرفتها.
وهو أنّ قضيّة آية النبأ (١) بمقتضى التعليل هو التبيّن في جميع ما يصدر من الفاسق والتثبّت فيه سواء كان قولا أو فعلا ، فلو كلّف الشخص بإيجاد فعل ولو تسبيبا ، ووجب عليه ذلك لم يجزه إيجاده ببدن الفاسق وفعله بجعله واسطة في رفع التكليف المتوجّه إليه ، لاحتمال عدم إتيانه بالفعل على الوجه المعتبر في الشرع ، والمفروض عدم ما يرفع هذا الاحتمال في الفاسق لعدم وجود الملكة الرادعة له ، بخلاف العادل فإنّ ما فيه من الملكة الرادعة تمنع من إقدامه بالمعصية. ومن هنا حكموا بعدم جواز جعله وصيّا وقيّما ووليّا في الأوقاف وغيرها». انتهى مورد الحاجة من كلامه قدسسره.
والمستفاد من كلامه قدسسره أنّ اعتبار العدالة في موارد النيابة وغيرها ليس له مدخليّة في جريان أصالة الصحّة ، بل هي تجري في كلّ فعل صادر عن المسلم عند الشكّ في إخلال ما يعتبر فيه ، إلّا أنّ إخبار الفاعل بإتيان العمل الصحيح إذا كان نائبا لا يقبل إذا لم يكن عادلا. وكيف كان ، فنرجع إلى توضيح بعض ما في المتن طبقا لما في شرح الاستاذ الاعتمادي.
والثاني : من حيث إنّه فعل للمنوب عنه ، حيث إنّه بمنزلة الفاعل بالتسبيب أو الآلة.
وجه كون المنوب عنه بمنزلة الفاعل بالتسبيب هو أنّه سبب لفعل النائب ، كما في الحجّ عن العاجز ، وأمّا وجه كونه بمنزلة الفاعل بالآلة ، فلأجل جعله النائب آلة للفعل ، كما في التوضّؤ للعاجز.
__________________
(١) الحجرات : ٦.