وحينئذ فقوله عليهالسلام : (إنّما الشكّ) مسوق لبيان قاعدة الشكّ المتعلّق بجزء من أجزاء عمل ، وأنّه إنّما يعتبر إذا كان مشتغلا بذلك العمل غير متجاوز عنه.
____________________________________
كان حكم الوضوء مخالفا للإجماع وبعض الأخبار ، كصحيحة (١) زرارة المتقدّمة وموافقا لقاعدة التجاوز المستفادة من ذيل موثّقة (٢) ابن أبي يعفور وغيرها ، فيقع التعارض بين هذه الرواية بناء على عود ضمير غيره إلى الشيء المشكوك من أفعال الوضوء ، وبين سائر روايات باب الوضوء ، حيث يكون مفاد هذه الرواية عدم العبرة بالشكّ بعد تجاوز المحلّ في أفعال الوضوء ، ومفاد سائر الروايات وجوب الالتفات إذا دخل في غير المشكوك من أفعال الوضوء والترجيح مع سائر الروايات بموافقة الإجماع ، وأمّا بناء على عود ضمير غيره إلى الوضوء كان حكم الوضوء موافقا للإجماع وسائر أخبار الوضوء كما عرفت ، إذ يكون المعنى ـ حينئذ ـ إذا شككت في شيء من الوضوء وقد دخلت في غير الوضوء فشكّك ليس بشيء ، حيث مفهومه أنّه إذا شككت في شيء من الوضوء في أثنائه وقبل الدخول في غير الوضوء يجب إتيانه فيكون مخصّصا لقاعدة التجاوز.
مع أنّ ظاهر الرواية ، كما عرفت في بيان إعطاء القاعدة الكلّية فلا بدّ من حملها على قاعدة الفراغ كي يكون عدم العبرة بالشكّ بعد الوضوء والالتفات إليه قبل الإتمام موافقا للقاعدة ، كما أشار إليه بقوله :
وحينئذ فقوله عليهالسلام : (إنّما الشكّ) مسوق لبيان قاعدة الشكّ المتعلّق بجزء من أجزاء عمل ، وأنّه إنّما يعتبر إذا كان مشتغلا بذلك العمل غير متجاوز عنه.
أي : عن العمل بأن لا يحصل الفراغ عنه ، فيكون مفاد الرواية قاعدة الفراغ لا قاعدة التجاوز ، فلا تعارض ـ حينئذ ـ بين هذه الرواية وبين ما دلّ على عدم جريان قاعدة التجاوز في أفعال الوضوء من الأخبار ، كي يقال بترجيح الأخبار الدالّة على عدم جريان قاعدة التجاوز في الوضوء لكونها موافقة للإجماع.
فالمتحصّل من الجميع هو : إنّ القضيّة الحاوية للحصر مفهوما ومنطوقا مسوقة لبيان حكم المركّب ، بمعنى أنّ الشكّ في أجزاء المركّب لا يلتفت إليه بعد الخروج عن المركّب ،
__________________
(١) التهذيب ٢ : ٣٥٢ / ١٤٥٩. الوسائل ٨ : ٢٣٧ ، أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ب ٢٣ ، ح ١.
(٢) التهذيب ١ : ١٠١ / ٢٦٢. الوسائل ٣ : ٥٥٤. الوسائل ١ : ٤٧٠ ، أبواب الوضوء ، ب ٤٢ ، ح ٢.