إمّا لكونها من الأمارات ، كما يشعر به قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم في بعض روايات الأصل : (هو حين يتوضّأ أذكر منه حين يشكّ) (١) ، وإمّا لأنّها وإن كانت من الاصول ، إلّا إنّ الأمر بالأخذ بها في مورد الاستصحاب يدلّ على تقديمها عليه ، وهي خاصّة بالنسبة إليه يخصّص بأدلّتها أدلّته ، ولا إشكال في شيء من ذلك ، إنّما الإشكال في تعيين مورد ذلك الأصل من وجهين :
____________________________________
وإنّما الكلام في وجه التقدّم ، فنقول : الظاهر من الأدلّة كون القاعدة من الأمارات ، فإنّ الشكّ في صحّة العمل بعد الفراغ أو بعد التجاوز ناشئ من احتمال الغفلة والسهو ، إذ ترك الجزء أو الشرط عمدا لا يجتمع مع كون المكلّف في مقام الامتثال ، وأصالة عدم الغفلة من الاصول العقلائيّة الناظرة إلى الواقع ، فإنّ سيرة العقلاء جارية على عدم الاعتناء باحتمال الغفلة» انتهى.
وبالجملة ، إنّ أصالة الصحّة في العمل بعد الفراغ عنه تتقدّم على الاستصحاب سواء كانت من الأمارات أو الاصول ، كما أشار إلى الأوّل بقوله :
إمّا لكونها من الأمارات ، كما يشعر به قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم في بعض روايات ذلك الأصل : (هو حين يتوضّأ أذكر منه حين يشكّ).
والظاهر منه هو أنّ منشأ اعتبار أصالة الصحّة ظهور حال المسلم في عدم تركه لما يكون مكلّفا بفعله وعدم فعله لما يكون مكلّفا بتركه ، فيكون من باب تقديم الظاهر على الأصل.
وأشار إلى الثاني بقوله : وإمّا لأنّها وإن كانت من الاصول ، إلّا إنّ الأمر بالأخذ بها في مورد الاستصحاب يدلّ على تقديمها عليه.
إذ لو لم تتقدّم عليه لزم أن يكون اعتبارها لغوا ، إذ ليس مورد من موارد أصالة الصحّة في العمل بعد الفراغ أو التجاوز إلّا فيه استصحاب مخالف لها ، أعني : استصحاب عدم إتيان المشكوك.
وهي خاصّة بالنسبة إليه ومن المعلوم أنّ العام يخصّص بالخاصّ فتخصّص أدلّة الاستصحاب بأدلّة أصالة الصحّة ، كما أشار إليه بقوله : يخصّص بأدلّتها أدلّته ، بل لا يمنع
__________________
(١) التهذيب ١ : ١٠١ / ٢٦٥. الوسائل ١ : ٤٧١ ، أبواب الوضوء ، ب ٤٢ ، ح ٧.