____________________________________
ولا ريب في العمل به دون الحالة السابقة.
وحاصل الكلام في هذا المقام أنّه لا إشكال ولا خلاف في عدم جريان الاستصحاب مع قيام الأمارة على ارتفاع المتيقّن سابقا ، بل يجب العمل بها وإنّما الكلام في وجه تقديم الأمارة على الاستصحاب ، وأنّه هل هو من باب الحكومة أو الورود أو التخصيص أو التخصّص ...؟.
وأوضح ما في هذا الباب هو ما في تقرير سيّدنا الاستاذ ، حيث قال : ما هذا لفظه : فذهب بعضهم إلى أنّه من باب التخصيص بدعوى أنّ النسبة بين أدلّة الاستصحاب وأدلّة الأمارات وإن كانت هي العموم من وجه ، إلّا أنّه لا بدّ من تخصيص أدلّة الاستصحاب بأدلّة الأمارات وتقديمها عليها ؛ لأن النسبة المتحقّقة بين الأمارات والاستصحاب هي النسبة بينها وبين جميع الاصول العملية ، فلو عمل بالاصول لم يبق مورد للعمل بالأمارات ، فيلزم إلغاؤها.
إذ من الواضح أنّه لا يوجد مورد من الموارد إلّا وهو مجرى لأصل من الاصول العملية ، مع قطع النظر عن الأمارة القائمة فيه.
وفيه : أوّلا : أنّ أدلّة الاستصحاب في نفسها بعيدة عن التخصيص ، فإنّ ظاهر قوله عليهالسلام : ليس ينبغي لك أنّ تنقض اليقين بالشكّ (١) إرجاع الحكم إلى قضيّة ارتكازيّة ، وهي عدم جواز رفع اليد عن الأمر المبرم بأمر غير مبرم ، وهذا المعنى آب عن التخصيص ، إذ مرجعه إلى أنّه في مورد خاص يرفع اليد عن الأمر المبرم بأمر غير مبرم ، وهو خلاف الارتكاز.
وثانيا : مع الغضّ عن إبائها عن التخصيص أنّ التخصيص في رتبة متأخرة عن الورود والحكومة ؛ لأن التخصيص رفع الحكم عن الموضوع ومع انتفاء الموضوع بالوجدان ـ كما في الورود ـ أو بالتعبّد ـ كما في الحكومة ـ لا تصل النوبة إلى التخصيص. وسنبيّن أنّه لا موضوع للاستصحاب مع الأمارة على وفاقه أو على خلافه.
وذهب صاحب الكفاية رحمهالله وبعض من المحقّقين إلى أنّ تقديم الأمارات على الاصول
__________________
(١) التهذيب ١ : ٤٢١ / ١٣٣٥ ، والوسائل ٣ : ٤٦٦ ، أبواب النجاسات ، ب ٣٧ ، ح ١.