الثالث
أن يكون كلّ من بقاء ما احرز حدوثه سابقا وارتفاعه غير معلوم ، فلو علم أحدهما فلا استصحاب. وهذا مع العلم بالبقاء أو الارتفاع واقعا من دليل قطعي واقعي واضح.
وإنّما الكلام فيما أقامه الشارع مقام العلم بالواقع ، فإنّ الشكّ الواقعي في البقاء والارتفاع لا يزول معه ، ولا ريب في العمل به دون الحالة السابقة.
____________________________________
الثالث يعتبر في الاستصحاب أن يكون المستصحب مشكوك البقاء ، فلا يجري الاستصحاب فيما إذا احرز بقاء المستصحب أو ارتفاعه ، من دون فرق بين أن يكون الإحراز بالوجدان كالعلم ، أو بالتعبّد الحاصل من الطرق والأمارات.
وبالجملة ، أنّه لا إشكال في عدم جريان الاستصحاب مع وجود العلم في مورده سواء كان على طبق الحالة السابقة أو على خلافها ؛ لأن الشكّ مأخوذ في الاستصحاب وارتفاعه بالعلم ضروري ، فالدليل العلمي مطلقا وارد على الاستصحاب ، بل على جميع الاصول كما لا يخفى ، فعدم جريان الاستصحاب مع العلم بالبقاء أو الارتفاع واضح ؛ لأن الشكّ في البقاء لا يجتمع مع العلم بالبقاء أو الارتفاع ، كما أشار إليه بقوله :
فلو علم أحدهما فلا استصحاب ... إلى آخره.
ثمّ تقديم الدليل العلمي على نحو الورود لا يختصّ بالاستصحاب ، بل الدليل العلمي وارد على جميع الاصول ؛ لأن الموضوع في الجميع هو الشكّ يرتفع بالعلم. وكذا لا إشكال في تقديم غير الدليل العلمي على الاستصحاب وسائر الاصول ، وإنّما الكلام في وجه تقديم سائر الأدلّة الظنّية على الاستصحاب ، كما أشار إليه بقوله :
وإنّما الكلام فيما أقامه الشارع مقام العلم بالواقع ، كخبر الواحد والبيّنة ونحوهما ، كما إذا اقتضى الاستصحاب طهارة شيء مثلا وقامت البيّنة على نجاسته.
فإنّ الشكّ الواقعي في البقاء والارتفاع لا يزول معه ، أي : مع ما أقامه الشارع مقام العلم بالواقع ، كي لا يعقل الاستصحاب ، فالشكّ بمعنى عدم العلم بالارتفاع باق حتى مع قيام البيّنة على خلاف الحالة السابقة ، إلّا أنّه يعمل بالدليل على خلاف الحالة السابقة لا بالاستصحاب ، كما أشار إليه بقوله :