ثبوت جزئيّة المفقود بالدليل الاجتهادي ، وبين ثبوتها بقاعدة الاشتغال.
وربّما يتخيل : أنّه لا إشكال في الاستصحاب في القسم الثاني ، لأن وجوب الإتيان بذلك الجزء لم يكن إلّا لوجوب الخروج عن عهدة التكليف ، وهذا بعينه مقتض لوجوب الإتيان
____________________________________
إنّ حاصل وجه توهّم الفرق أنّ توجّه التكليف إلى المكلّف معلوم في صورة تنجّز التكليف بدخول الوقت ، فيشكّ في بقاء التكليف المذكور بعد عروض تعذّر بعض الأجزاء فيستصحب بقاؤه. وهذا بخلاف ما إذا حصل التعذّر قبل تنجّز التكليف بدخول الوقت ، إذ ـ حينئذ ـ يكون أصل توجّه التكليف إلى المكلّف مشكوكا ، فكيف يستصحب؟!.
وحاصل الدفع أنّ ما ذكر في التوهّم من الفرق مبنيّ على أن يكون المراد بالمستصحب هو التكليف الشخصي الفعلي ، وليس الأمر كذلك ، بل المراد منه هو الوجوب النوعي ، وهذا القسم من التكليف يتوجّه قبل دخول الوقت إلى نوع المكلّفين.
غاية الأمر يكون تنجّزه معلّقا على اجتماع الشرائط من الوقت وغيره. والوجود التعليقي نوع من الوجود ، قابل للاستصحاب ، وهو المستصحب في المقام ، لا التكليف المنجّز الشخصيّ ، كي يقال أنّه مشكوك.
فالحاصل أنّه لا فرق بناء على جريان الاستصحاب بين تعذّر الجزء قبل تنجّز التكليف أو بعده.
نعم هنا أوضح ، أي : جريان الاستصحاب في فرض حصول التعذّر بعد تنجّز التكليف بدخول الوقت أوضح.
وكذا لا فرق ، بناء على عدم الجريان ، بين ثبوت جزئيّة المفقود بالدليل الاجتهادي ، كما إذا فرض قيام الإجماع على جزئيّته ، وبين ثبوتها بقاعدة الاشتغال ، كما إذا فرض الشكّ في جزئيّة السورة للصلاة ، ثمّ حكم بجزئيّتها باشتغال الذمّة مع الصلاة بدونها. وربّما يتخيّل أنّه لا إشكال في الاستصحاب في القسم الثاني ، وهو ما ثبتت جزئيّته بقاعدة الاشتغال.
لأن وجوب الإتيان بذلك الجزء لم يكن إلّا لاستصحاب التكليف المقتضي لوجوب الخروج عن عهدة التكليف ، وهذا ـ أعني : الاستصحاب المقتضي لوجوب الخروج ـ