الدالّة على عدم جواز نقض اليقين بغير اليقين ، إذ ليست العبرة في العموم والخصوص بدليل الدليل ، وإلّا لم يتحقّق لنا في الأدلّة دليل خاصّ ، لانتهاء كلّ دليل إلى أدلّة عامّة ،
____________________________________
الاستصحاب المخالف للأصل دليل شرعي مخصّص للعمومات ، فيرجع عند الشكّ إلى الاستصحاب لا إلى العام.
وتوضيح ذلك على ما في شرح الاعتمادي أنّ معناه ، أنّه إذا قام الدليل مثلا على وجوب إكرام العلماء كلّ يوم بنحو العموم الزماني الأفرادي ، ثمّ قام الدليل مثلا على حرمة إكرام زيد يوم الجمعة ، ثمّ شكّ فيها يوم السبت ، كان استصحاب الحرمة المخالف لأصل البراءة مخصّصا لعموم وجوب إكرام العلماء كلّ يوم ، فيكون مراده من العموم المخصّص بالاستصحاب هو العموم الّذي اخذ فيه عموم الزمان أفراديّا ، حيث يكون استصحاب حكم المخصّص فيه موجبا لزيادة التخصيص ، ولا يكون مراده من العموم هو العموم الزماني الاستمراري ، فإنّ استصحاب حكم المخصّص لا يوجب فيه زيادة التخصيص ، بل هو استمرار التخصيص الأوّل.
قوله : ولا ينافيه عموم أدلّة حجّيّته من أخبار الباب الدالّة على عدم جواز نقض اليقين بغير اليقين دفع لما يتوهّم من تنافي تخصيص العموم مع عموم أدلّة حجّيّة الاستصحاب.
إذ مقتضى التخصيص هو كون النسبة ـ بين الاستصحاب وعموم أكرم العلماء كلّ يوم ـ عموما مطلقا ، بأن يكون الاستصحاب أخصّ من أكرم العلماء كلّ يوم.
والأمر في المقام ليس كذلك ، بل النسبة بينهما هي العموم من وجه ؛ لأن مادّة الافتراق من جانب أكرم العلماء كلّ يوم هو غير زيد الخارج عنه بالتخصيص ، ومادّة الافتراق من جانب الاستصحاب هو غير مورد إكرام العلماء ، كسائر موارد الاستصحابات ، ومادّة الاجتماع هي إكرام زيد يوم السبت ، فيتعارضان في مادّة الاجتماع ، ويرجع إلى التخيير لا إلى التخصيص.
وحاصل الدفع أنّ ما ذكر في التوهّم من كون النسبة بينهما هي العموم من وجه ، مبني على أن يكون الملاك في العموم والخصوص بدليل الاستصحاب ، كعموم لا تنقض اليقين بالشكّ ، وليس الأمر كذلك كما أشار إليه بقوله :
إذ ليست العبرة في العموم والخصوص بدليل الدليل ، أي : بدليل الاستصحاب ، كما