إنّ الاستصحاب إن اعتبر من باب الظنّ عمل به هنا ، لأنّه يظنّ الضّرر بالاستصحاب فيحمل عليه الحكم العقلي إن كان موضوعه أعمّ من القطع والظنّ ، كما في مثال الضّرر.
وإن اعتبر من باب التعبّد لأجل الأخبار فلا يجوز العمل به ، للقطع بانتفاء حكم العقل مع الشكّ في الموضوع الذي كان يحكم عليه مع القطع ، فلا يثبت إلّا الآثار الشرعيّة المجعولة القابلة للجعل الظاهري ، وتعبّد الشارع بالحكم العقلي يخرجه عن كونه حكما عقليّا.
[غاية ما في الباب : كون الحكم العقلي في مورد الشكّ المذكور ظنيّا باعتبار ظنيّة الصغرى. وإن اعتبر من باب التعبّد لأجل الأخبار لم يجز العمل به ، لما سيجيء من أنّ الثابت
____________________________________
فالذي ينبغي أن يقال فيه : إنّ الاستصحاب إن اعتبر من باب الظنّ عمل به هنا ، لأنّه يظنّ الضّرر بالاستصحاب فيحمل عليه الحكم العقلي إن كان موضوعه أعمّ من القطع والظنّ ، كما في مثال الضّرر.
وتوضيح كلام المصنّف قدسسره يتوقّف على البحث عن كلّ واحد من المقام الثالث والرابع تفصيلا ، فنقول :
إنّ ما يظهر من المصنّف قدسسره في المقام الثالث هو التفصيل بين القول باعتبار الاستصحاب من باب الظنّ ـ فيجري الاستصحاب في الموضوع ويترتّب عليه الحكم العقلي ، كما يترتّب عليه الحكم الشرعي ـ وبين اعتباره من باب التعبّد لأجل الأخبار ، حيث لا يترتّب على الاستصحاب في الموضوع حينئذ إلّا الحكم الشرعي الظاهري.
غاية الأمر جريان الاستصحاب في الموضوع على القول باعتباره من باب الظنّ مشروط بشرطين :
أحدهما : أن يكون اعتبار الاستصحاب من باب الظنّ.
ثانيهما : أن يكون موضوع حكم العقل أعمّ من القطع والظنّ كمثال الضّرر مثلا ، حيث يكون موضوع حكم العقل بقبح الارتكاب أعمّ من مقطوع الضّرر ومظنونه ، إذ لو كان للقطع مدخليّة في موضوع حكم العقل لارتفع بارتفاعه ، فلا يعقل حينئذ استصحاب الموضوع.
وبالجملة ، إنّ العقل يحكم بقبح شرب السمّ لكونه مضرّا ، فإذا شكّ في بقاء السمّية يستصحب الضّرر ، ويثبت القبح المستتبع للحرمة الشرعيّة ، كما في شرح الاعتمادي.