____________________________________
المعرفة بها ، فليست قابلة للتعبّد الاستصحابي. ومع فرض كفاية الظنّ فيها نقول : الاستصحاب لا يفيد الظنّ أوّلا ، ولا دليل على حجيّة الظنّ الحاصل منه ثانيا.
هذا كلّه في استصحاب النبوّة. وأمّا استصحاب بقاء أحكام الشريعة السابقة فغير جار ـ أيضا ـ إذ نقول له : إن كنت متيقّنا على بقاء أحكام الشريعة السابقة فلا معنى للاستصحاب ـ وهو واضح ـ وإن كنت شاكّا فلا بدّ من الفحص ـ كما تقدّم ـ وعلى فرض الفحص وبقاء الشكّ لا يجري الاستصحاب الّا فيما إذا ثبت حجّيّة الاستصحاب في الشريعتين.
لأنّه إن كان الاستصحاب حجّة في الشريعة السابقة فقط لا يمكن التمسّك بالاستصحاب لبقاء أحكام الشريعة السابقة ، إذ حجّيّة الاستصحاب من جملة تلك الأحكام ، فيلزم التمسّك به لإثبات بقاء نفسه ، وهو دور ظاهر.
وإن كان الاستصحاب حجّة في الشريعة اللّاحقة فقط ، فصحّة التمسّك بالاستصحاب ـ لإثبات بقاء أحكام الشريعة السابقة ـ فرع حقيّة الشريعة اللّاحقة ، وبعد الالتزام بحقيّته لم يبق مجال للاستصحاب ، لليقين بارتفاع أحكام الشريعة السابقة حينئذ. هذا تمام الكلام فيما اذا كان استدلاله لمعذوريّته في البقاء على اليهوديّة.
وإن كان مراده الثاني ، أي : كان استدلاله لإلزام المسلمين ودعوتهم إلى اليهوديّة فنقول له : جريان الاستصحاب متوقّف على اليقين بالحدوث والشكّ في البقاء ، وليس لنا يقين بنبوّة موسى إلّا من طريق شريعتنا ، فإنّ التواتر لم يتحقّق في جميع الطبقات من زمان موسى إلى زماننا هذا ، والتوراة الموجودة عند اليهود ليس هو الكتاب المنزّل من الله سبحانه على موسى ، ومن راجعه يجد فيه ما يوجب العلم بعدم كونه من عند الله من نسبة الزنا والفواحش إلى الأنبياء.
نعم ، لنا علم بنبوّة موسى لإخبار نبيّنا صلىاللهعليهوآله بنبوّته ، فتصديقه يوجب التصديق بنبوّته ، وهذا الاعتراف من المسلمين لا يضرّهم ، ولا يوجب جريان الاستصحاب في حقّهم كما هو ظاهر.
والحاصل أنّه ليس لنا علم بنبوّة موسى إلّا باخبار نبيّنا صلىاللهعليهوآله ، وهو كما يخبر بها يخبر بارتفاعها ، فلا مجال للاستصحاب ، ومع فرض حصول اليقين من غير هذا الطريق ليس لنا