إلّا أن يريد جعل البيّنة على المسلمين في دعوى الشريعة الناسخة ، إمّا لدفع كلفة الاستدلال عن نفسه ، وإمّا لإبطال دعوى المدّعي ، بناء على أنّ مدّعي الدين الجديد ـ
____________________________________
والسيّد المذكور وإن كان قد أجاب عن تمسّك الكتابي بما ألزمه وأفحمه إلّا أنّه لم يرض بما أجاب به عن الاستصحاب الذي تمسّك به ، بل أورد على الجواب بأنّ موسى بن عمران ادّعى النبوّة واعترف المسلمون وأهل الكتاب بنبوّته ، فعلى المسلمين إثبات نسخ نبوّته.
وكيف كان ، فما حكي من تمسّك الكتابي باستصحاب شرعه ، ممّا لا وجه له ، وذلك لما مرّ من عدم جريان الاستصحاب في وجوب الاعتقاد بعد زوال الاعتقاد ، على تقدير كون اعتباره من باب الأخبار ، وعدم كفاية الظنّ في اصول الدين على تقدير اعتباره من باب الظنّ.
ثمّ تعبير المصنف باستصحاب الشرع لا يخلو عن مسامحة ؛ لأن المعروف هو استصحاب النبوّة السابقة ، ومن المعلوم أنّ شرع كلّ نبيّ غير النبوّة القائمة به ، فإنّ الشرع عبارة عن الأحكام التي جاء بها اعتقاديّة كانت أو عمليّة ، وكيف كان فالاستصحاب في كلّ منهما محلّ للمنع.
إلّا أن يريد جعل البيّنة على المسلمين في دعوى الشريعة الناسخة.
بأن يقال : إنّ غرض الكتابي من التمسّك بالاستصحاب هو مجرّد بيان كونه منكرا ، لكون قوله مطابقا للأصل ، فيكون المسلم مدّعيا وعلى المدّعي الإثبات.
وإنّما صنع هكذا إمّا لدفع كلفة الاستدلال عن نفسه.
ومن المعلوم أنّ الاستدلال بالاستصحاب للغرض المذكور إنّما يصحّ.
أوّلا : فيما إذا كان قوله موافقا للأصل الصحيح ، وقد عرفت أنّ الأصل في المقام فاسد ، ومعلوم أنّ موافقة القول للأصل الفاسد لا تجدي في كون القائل منكرا.
وثانيا : فيما لا يكون مدّعي البقاء محتاجا إلى الدليل ، وسيأتي منه قدسسره أنّ مدّعي البقاء في مثل المسألة محتاج إلى الدليل كمدّعي الارتفاع ، فلا يصحّ ـ حينئذ ـ التمسّك بالاستصحاب لدفع كلفة الاستدلال.
وإمّا لإبطال دعوى المدّعي ، بناء على أنّ مدّعي الدين الجديد ـ كمدّعي النبوّة ـ يحتاج