الأخبار فليس مؤدّاها إلّا الحكم على ما كان معمولا به على تقدير اليقين به ، والمفروض أنّ وجوب الاعتقاد بشيء ـ على تقدير اليقين به ـ لا يمكن الحكم به عند الشكّ لزوال الاعتقاد
____________________________________
عدم التمكّن منه يعتقد بالحقّ واقعا ، فلا إلجاء باتّباع الظنّ ، وقيل بكفاية الظنّ بها في تحقّق الإيمان ، وذهب بعض هؤلاء إلى وجوب تحصيل العلم نفسيّا مع التمكّن ، للأمر به ، أو لحكم العقل من باب وجوب شكر المنعم أو دفع الخوف.
ثمّ اختلفوا في أنّ الاعتقاد هو عين العلم أو الظنّ أو معلولهما ، كما عليه المصنف قدسسره أو أمر اختياري يوجد مع الشكّ ، بل القطع بالخلاف أيضا ، إذا عرفت ما ذكر ، فنقول :
إنّه إذا كان الاعتقاد بنبوّة محمّد صلىاللهعليهوآله مثلا واجبا في زمن حضورهم عليهمالسلام ، ثمّ شكّ بالفرض في بقاء نبوّته صلىاللهعليهوآله في زمن الغيبة ، فبناء على اعتبار العلم في المعتقدات كما هو الحقّ عند المصنف قدسسره وجب تحصيله إن أمكن ، فلا يكفي الظنّ فضلا عن الاستصحاب.
فحينئذ لا تصل النوبة إلى الاستصحاب ، وإن لم يمكن تحصيل العلم ، لا يصحّ الاستصحاب إن قلنا بأنّ الاعتقاد هو عين العلم ، وذلك لامتناع تحصيل العلم ، فلا يجب تحصيله لكونه مستلزما للتكليف بغير المقدور وهو قبيح عقلا ولا يجوز شرعا ، فكيف يستصحب وجوب الاعتقاد؟!
ومن هنا يعلم عدم جريان الاستصحاب على القول بأنّ الاعتقاد هو معلول العلم لا نفسه ، كما عليه المصنف قدسسره ؛ وذلك لانتفاء المعلول عند انتفاء العلّة ، فلا يعقل بقاء الاعتقاد المعلول مع زوال العلّة ، أعني : العلم حتى يستصحب وجوبه ، كما أشار إليه بقوله :
لأنه إن كان من باب الأخبار فليس مؤدّاها إلّا الحكم على ما كان معمولا به على تقدير اليقين به ، فيتمّ في الأحكام الفرعيّة فقط ، إذ مؤدّى الأخبار هو الحكم على بقاء حكم ، كوجوب النفقة الذي كان معمولا به في زمن اليقين به.
وهذا بخلاف وجوب الاعتقاد حيث لا يمكن الحكم ببقائه مع زوال الاعتقاد عند زوال علّته ، كما أشار إليه بقوله :
والمفروض أنّ وجوب الاعتقاد بشيء ، كالنبوّة المعمول به على تقدير اليقين به لا يمكن الحكم به عند الشكّ ، وذلك لزوال موضوع الحكم ، أعني : الاعتقاد بزوال علّته ، أعني : العلم.