كان لعدم تعيين الموضوع تفصيلا واحتمال مدخليّة موجود مرتفع أو معدوم حادث في موضوعيّة الموضوع ، فهذا غير متصوّر في المستقلّات العقليّة ، لأنّ العقل لا يستقلّ بالحكم إلّا بعد إحراز الموضوع ومعرفته تفصيلا.
____________________________________
ثالثها : الشكّ فيه للشكّ في بقاء موضوعه من جهة الاشتباه الخارجي ، وهذا ما سيأتي الكلام فيه في قوله : وأمّا موضوعه ... إلى آخره.
رابعها : الشكّ فيه للشكّ في بقاء موضوعه من جهة عدم تعيّنه من أصله ، وقد أشار إليه بقوله :
وإن كان لعدم تعيين الموضوع تفصيلا واحتمال مدخليّة موجود مرتفع أو معدوم حادث في موضوعيّة الموضوع ؛ وذلك كحكم العقل بالتخيير في دوران الأمر بين المحذورين ، حيث لا يعلم المكلّف بأنّ التخيير ابتدائي ، فلا يجوز له العدول عمّا اختاره أوّلا ، أو استمراري ، فيجوز له العدول عمّا اختاره أوّلا ، ومنشأ الشكّ فيه هو عدم تعيّن الموضوع.
إذ يحتمل أن يكون موضوع التخيير مجرّد دوران الأمر بين المحذورين ، فيكون التخيير حينئذ استمراريا ، ويحتمل مدخليّة وجود شيء في الموضوع ، بأن يكون موضوع التخيير دوران الأمر بين المحذورين للمتحيّر في أوّل الأمر ، فيكون التخيير حينئذ ابتدائيا ، إذ بمجرّد الأخذ بالوجوب أو الحرمة يرتفع موضوع التخيير ، ويحتمل مدخليّة عدم شيء في الموضوع ، بأن يكون الموضوع دوران الأمر بين المحذورين مع عدم الأخذ بأحد الحكمين ، فيكون التخيير ابتدائيا أيضا ، إذ بعد الأخذ بأحدهما يرتفع الموضوع.
إلّا أنّ الشكّ في بقاء الحكم العقلي من جهة الشكّ في موضوعه لعدم تعيّنه غير متصوّر في المستقلّات العقليّة ، لأنّ العقل لا يستقلّ بالحكم إلّا بعد إحراز الموضوع ومعرفته تفصيلا.
ففي المثال المذكور ؛ إمّا يحكم العقل بالتخيير الابتدائي أو الاستمراري بطريق القطع ؛ وذلك فإنّ حكم العقل بالتخيير الابتدائي مبني على حكمه بقبح المخالفة العمليّة التدريجيّة ، وحكمه بالتخيير الاستمراري مبني على حكمه بعدم المخالفة العمليّة التدريجيّة مع الالتزام في كلّ واقعة بأحد الاحتمالين ، وعلى التقديرين لا شكّ في حكم العقل ؛ لأنّ العقل ؛ إمّا يستقلّ بقبح المخالفة المذكورة أو بعدم قبحها.