فلا يجوز الأخذ بقوله لأن الله تعالى قد أمر بالتبيّن في أخبار الفاسق ، حيث قال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ) (١) فكيف يجوز الأخذ بقوله وقد خالف النصوص القطعية والنقول الثابتة وضرب بها عرض الجدار؟ ومن هذا الذي له دين يصغي إلى مقالته ويعتني بشأنه؟ اللهم إلّا من يريد أن يعاند الحق بعد وضوحه ، فلا يحسن حينئذ الكلام معه.
(٢) إن دعوى جعفر ابن الإمام الهادي عليهالسلام وعمّ الإمام المهديّ عليهالسلام ليست بحجّة لعدم عصمته باتفاق الأمة ، فإذا لم يكن معصوما بحيث يمتنع عليه لذلك إنكار الحق ـ وهو نفيه لابن أخيه الإمام الحسن العسكري ـ فكيف يمكن تصديقه مع مخالفته لإجماع الطائفة على وجود ولد للإمام العسكري ، هذا مضافا إلى أنه كان من جملة الرعيّة فكيف جاز تصديقه لوحده وتكذيب بقية الأفراد القائلين بوجود ولد للإمام العسكري؟! فهل جميع الأمة كاذبة وهو لوحده الصادق المصدّق؟ إنّ جعفر الذي أخذ بقوله من كان على شاكلته في الكذب هم من جملة الرعية التي يجوز عليها الزلل ، ويعتريها السهو ويقع منها الغلط ، ولا يؤمن منها تعمد الباطل ، ويتوقّع منها الضلال ، وقد نطق القرآن بما كان من أسباط يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن على نبيّنا وآله وعليه أفضل الصلاة والسلام في ظلم أخيهم يوسف عليهالسلام ، وإلقائهم له في غيابة الجبّ ، وتغريرهم بدمه بذلك ، وبيعهم إياه بالثمن البخس ، ونقضهم عهده في حراسته ، وتعمّدهم معصيته في ذلك وعقوقه ، وإدخال الهمّ عليه بما صنعوه بأحبّ ولده إليه وأوصلوه إلى قلبه من الغم بذلك ، وتمويههم على دعواهم على الذئب أنه أكله بما جاءوا به على قميصه من الدم ، ويمينهم بالله العظيم على براءتهم مما اقترفوه من الإثم ، وهم لما أنكروه متحقّقون ، ويبطلان ما ادّعوه في أمر يوسف عليهالسلام عارفون ، وهؤلاء من أقرب الخلق نسبا بنبيّ الله وخليله إبراهيم ، فما الذي ينكر ممن هو دونهم في الدنيا
__________________
(١) سورة الحجرات : ٦.