والدين أن اعتمد باطلا يعلم خطؤه فيه على اليقين ، ويدفع حقا قد قامت عليه الحجج الواضحة والبراهين.
(٣) إن دواعي جعفر لإنكار ابن أخيه الحجّة المنتظر عليهالسلام من الأمور المعلومة ، فإنه بذلك يحوز تركة أخيه دونه ، مع جلالتها وكثرتها وعظم خطرها ، لتعجّل المنافع بها ، والنهضة بمآربه عند تملّكها ، وبلوغ شهواته من الدنيا بحيازتها ، وادعائه مقام الإمامة محل أخيه الإمام الحسن العسكري وهو عليهالسلام في جلالة القدر عند جميع الناس بمكان لا ينكر ، وأنه المستحق له دون غيره ، هذا مضافا إلى طمعه في جمع المال والزكوات التي كان يأتي بها الشيعة من أقطار الأرض إلى الإمام عليهالسلام ليوزّعها على الفقراء والمستحقين ، هذا وإضعافه دعاه إلى ارتكاب الضلال في إنكار ابن أخيه ، ودفعه له عن حقه ، ومثل من تشبّث بإنكار جعفر لابن أخيه كمثل من تشبّث من الكفار والمشركين بدعوى أبي لهب عمّ النبيّ ببطلان نبوة النبيّ محمّد وجحودها ، مع مشاركة أكثر بني هاشم وبني أميّة لأبي لهب واجتماعهم على عداوة النبيّ ، وتجريدهم السيف في حربه ، واجتهادهم في استئصاله ومتبعيه على ملته ، هذا مع ظهور حجته ووضوح برهانه في نبوته ، وضيق الأفق في معرفة ولادة الحجّة بن الحسن على جعفر وأمثاله من البعداء عن العلم بحقيقته لا يستلزم إنكار شخصيته عجّل الله فرجه الشريف ، ومن صار في إنكار شيء أو إثباته أو صحته وفساده إلى مثل التعلق بجعفر بن عليّ في جحد وجود خلف لأخيه ، وما كان من أبي جهل وشركائه من أقارب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وجيرانه وأهل بلده والناشئين معه في زمانه في دفع نبوته وإنكار صدقه في دعوته ، سقط كلامه عند العلماء ولم يعد في جملة الفقهاء ، وكان في أعداد ذوي الجهل والسفهاء.
ونزيد على ما ذكرنا من الأسباب الداعية إلى إنكار جعفر لابن أخيه ودفعه له عن حقه أدلة واضحة على بطلان قوله ، ما رواه الثقات عن أحوال جعفر بن عليّ في حياة أخيه أبي محمّد الحسن بن عليّ عليهماالسلام ، وأسباب إنكاره خلفا له من بعده