ثم أخبر ابن غنم سليما أنه فزع مما سمع من معاذ عند موته ، ولذلك حجّ والتقى بمن ولى موت أبي عبيدة وسالم ، فأخبره الحاضران عند موتهما أنهما قالا عند الموت مثل قول معاذ.
فإلى هنا عرف سليم ما قاله ثلاثة من أصحاب الصحيفة عند موتهم ، نقله سليم عن ابن غنم.
وأما محمّد بن أبي بكر فأخبره عمّا قاله أبو بكر وعمر عند الموت ، وذلك أن سليما التقى بمحمّد بن أبي بكر وأخبره بما سمعه من ابن غنم ، فلمّا سمع محمّد بن أبي بكر كلام ابن غنم من سليم أخبره أن أباه أبا بكر أيضا قال عند موته مثل مقالتهم ، فقالت عائشة : إن أبي ليهجر! قال محمّد : فلقيت عبد الله بن عمر في خلافة عثمان ، فحدثته بما قال أبي عند موته ، وأخذت عليه العهد والميثاق ليكتمنّ عليّ ، فقال لي ابن عمر : اكتم عليّ ، فو الله لقد قال أبي مثل مقالة أبيك ما زاد ولا نقص ، ثم تداركها عبد الله بن عمر وتخوّف أن أخبر بذلك عليّ بن أبي طالبعليهالسلام لما قد علم من حبي له وانقطاعي إليه ، فقال : إنما كان أبي يهجر!
فأتى سليم أمير المؤمنين عليهالسلام فحدثه بما سمع من أبيه وبما حدّثه ابن عمر عن أبيه ، فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : قد حدثني بذلك عن أبيه وعن أبيك وعن أبي عبيدة وعن سالم وعن معاذ من هو أصدق منك ومن ابن عمر ، فقلت : من هو ذاك يا أمير المؤمنين؟ فقال : بعض من يحدثني ، ويقصد عليهالسلام بذلك إمّا رسول الله قبل موته وبعده في المنام أو أخبره الملك الذي يحدّث الأئمةعليهمالسلام تأكيدا لا تأسيسا.
وبعد شهادة محمّد بن أبي بكر بمصر التقى سليم بأمير المؤمنين عليهالسلام وسأله عمّا أخبر به محمّد بن أبي بكر؟ فقال عليهالسلام : «صدق محمّد رحمهالله ، أما إنه شهيد حيّ يرزق» ثم قرّر عليهالسلام كلام محمّد بأن أوصيائه كلهم محدّثون.
هذا ملخّص ما جاء في رواية سليم في كتابه (١).
__________________
(١) مقدمة كتاب سليم للشيخ محمد باقر الخوئيني ج ١ / ١٨٨ وج ٢ / ٨١٩.